تأتي تصريحات نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، في سياق يعكس بوضوح تحولات عميقة في استراتيجية الحزب تجاه إسرائيل ، فالمعادلة الجديدة التي أعلنها الحزب، والتي ترتكز على مفهوم "إيلام العدو"، تشير إلى تطور في تكتيكاته، التي تستهدف الآن ليس فقط المكاسب الميدانية، بل استنزاف العدو نفسياً ومعنوياً من خلال استهداف نقاط ضعف حساسة ، رغم الضربات التي تلقاها حزب الله خلال السنوات الماضية، يبدو أن الحزب قد نجح في استعادة عافيته الميدانية ، وتصريحات قاسم تؤكد على أن المقاومة اللبنانية، بعد سلسلة من التطورات الميدانية، قد تمكنت من تحقيق إنجازات أكبر مما كانت تتوقعه ،وهذا يشير إلى أن الحزب لم يفقد قدرته على الردع والهجوم، بل تمكن من إعادة تنظيم صفوفه واستعادة قوته بشكل لافت، خصوصاً مع تصاعد وتيرة الهجمات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل ، وتأتي هنا معادلة جديدة تستند إلى ما يسمى استراتيجية "إيلام العدو" على أكثر من مجرد ضربات عسكرية ، وإنها تتضمن تكتيكات متعددة تستهدف ضرب البنية التحتية، إحداث أضرار اقتصادية، وإثارة القلق والذعر بين السكان الإسرائيليين ، والهجمات التي طالت تل أبيب وعطلت مطار بن غوريون، وفقًا لتصريحات قاسم، تمثل جزءًا من هذه الاستراتيجية الأوسع ، و الهدف هو إضعاف الروح المعنوية للإسرائيليين من خلال دفعهم إلى الملاجئ وتعطيل حياتهم اليومية، ما يشكل ضغطًا نفسيًا على الحكومة الإسرائيلية لوقف التصعيد ، ومن الواضح أن حزب الله لا يعتمد على العمليات العشوائية، بل يقوم بتخطيط دقيق لاختيار أهدافه بعناية ، وتصريح قاسم بأن الحزب يحتفظ بحق استهداف "أي نقطة" في إسرائيل ويختار التوقيت المناسب لذلك يعكس نمطًا مدروسًا في اتخاذ القرار العسكري ، وهذا يشي أن الهجمات المستقبلية ستكون موجهة بدقة لتعظيم الأثر النفسي والعسكري، مما يجعل المقاومة قادرة على التأثير حتى في حال وجود فوارق في القدرات العسكرية التقليدية ، وإلى جانب التحركات العسكرية، وجه قاسم رسالة مباشرة إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، داعياً الشعب إلى عدم تصديق التصريحات الرسمية التي قد لا تعكس الواقع الميداني ، من خلال توجيه الانتباه إلى "قتلى الحرب"، يسعى الحزب إلى زعزعة الثقة بين الجمهور الإسرائيلي وقيادته السياسية والعسكرية ، وفي الوقت نفسه، يدعو قاسم إلى وقف إطلاق النار كحل لإنهاء التصعيد، ما يظهر استعداد الحزب للتفاوض، ولكن بشروط تصب في مصلحته بعد أن حقق تقدماً ملموساً ، ومن المرجح أن تصبح معادلة "إيلام العدو" جزءًا دائمًا من استراتيجية حزب الله تجاه إسرائيل في المستقبل ، وهذه الاستراتيجية تعتمد على استنزاف العدو بشكل متواصل عبر توجيه ضربات مؤلمة على مستويات مختلفة: عسكريًا، نفسيًا، واقتصاديًا ، وهو نهج مستمر يهدف إلى فرض حالة من عدم الاستقرار والضغط المتزايد، الذي قد يجبر القيادة الإسرائيلية على اتخاذ قرارات قد لا تكون في صالحها على المدى الطويل ، وتشكل تصريحات نعيم قاسم وتحركات حزب الله في الميدان انعكاسًا لاستراتيجية أوسع وأعمق تتجاوز المواجهات التقليدية ، فمعادلة "إيلام العدو" تعكس رغبة الحزب في تكريس قواعد اشتباك جديدة تركز على الاستنزاف طويل الأمد، وتهدف إلى تحقيق انتصارات نفسية ومعنوية إلى جانب المكاسب العسكرية ، ويبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن لهذه المعادلة أن تؤثر على ديناميات الصراع في المنطقة؟! وهل ستتمكن إسرائيل من التعامل مع هذا التكتيك المستمر في المستقبل؟! أسئلة يتطرح الواقع الميداني للمعادلة الجديدة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .