زاد الاردن الاخباري -
تعزيز مساهمة قطاع الصناعات الغذائية في الاقتصاد الوطني يتطلب قيام الحكومة بخطوات سريعة تتعلق بدعم هذه الصناعات وتعزيز تنافسيتها، وصولا إلى تحقيق الأمن الغذائي.
القطاع يلعب دورا مهما واستراتيجيا في الاقتصاد الوطني، ورغم تميز القطاع في المملكة الا أنه بإمكانه مضاعفة قدراته الانتاجية والتشغيلية، والتوسع محلياً ودولياً في حال تحقيق العديد من اولوياته وأهدافه الاستراتيجية.
قطاع الصناعات الغذائية من أهم القطاعات الصناعية بالمملكة، نظرا لميزاته وتنوع منتجاته المطروحة داخل الأسواق المحلية، وتأثيره المباشر والكبير على الاقتصاد الوطني نظراً لتشابكاته وترابطاته المباشرة وغير المباشرة مع القطاعات الأخرى، حيث إن كل دينار انفاق في القطاع، يسهم في إنتاج أكثر من 2.55 دينار داخل الاقتصاد الوطني.
ورغم الظروف الجيوسياسية المحيطة في المنطقة، الا صادرات القطاع ارتفعت خلال الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي بنسبة 7 % لتصل الى 1.056 مليار دولار، مقارنة مع 987 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أكد أول من أمس ضرورة تعزيز مساهمة قطاع الصناعات الغذائية في الاقتصاد الوطني، لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات والإسراع بالموافقة على تعليمات التتبع الغذائي، والتي توفر معلومات عن الغذاء من مرحلة الإنتاج حتى البيع، كمتطلب لتعزيز وصول المنتجات المحلية إلى الأسواق العالمية.
وأشار جلالته، لدى اجتماعه بمعنيين في القطاعين العام والخاص بقصر الحسينية، إلى ضرورة تسريع تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، خاصة بما يدعم نمو القطاع، ويسهم في ترويج الصادرات الغذائية في الأسواق العالمية، خصوصا بالدول الأوروبية والولايات المتحدة.
ويبلغ عدد المنشآت التي تعمل تحت مظلة القطاع في الأردن 2500 منشأة توظف قرابة 55 ألف عامل وعاملة، جلهم من الأردنيين وبنسبة تصل إلى أكثر من 90 % من إجمالي عمالته وبإجمالي رأس مال مسجل يصل الى حوالي مليار دولار.
ويتمتع القطاع بقدرات إنتاجية عالية تصل لأكثر من 5 مليارات دينار سنوياً فيما تصل نسب التغطية للصناعات الغذائية اكثر من 65 % من حجم السوق المحلي، فيما وصل بعضها لحد الاكتفاء كمنتجات "الألبان والأجبان، اللحوم، الدواجن وبيض المائدة، وصناعة المشروبات، والمواد الغذائية والبقولية المعلبة وغيرها.
ممثل قطاع الصناعات الغذائية والثروة الحيوانية في غرفة صناعة الاردن محمد وليد الجيطان أكد لـ"الغد" أن تعزيز مساهمة قطاع الصناعات الغذائية في الاقتصاد الوطني يتطلب قيام الحكومة بخطوات سريعة في مقدمتها خفض كلف الانتاج من خلال مد المنشآت بالغاز الطبيعي ومنحه الاولوية لها في مشاريع الطاقة الشمسية بهدف تعزيز تنافسيتها محليا وفي اسواق التصدير.
واشار الجيطان إلى خطوات أخرى تتعلق بالإسراع في توفير نظام تتبع وطني متكامل للمنتجات الغذائية والحيوانية (الأجبان واللحوم المصنعة والألبان)، الذي تكمن أهميته في تسجيل مختلف البيانات والمعلومات ذات الصلة بالمنتج، للتأكد من فاعلية استخدام الموارد والتأكد من تحقيق النتائج المرجوة ما يتيح توفير فرصة للمنتجات الغذائية للدخول إلى عدد أكبر من الأسواق وتعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية وخاصة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ والتي تشترط وجود نظام وطني لتتتبع مستورداتها حيث تعتبر هذه الأسواق مدخلاً لأكثر من 1.1 مليار مستهلك.
وبحسب الجيطان، يعتبر نظام التتبع الوطني لمنتجات الأجبان واللحوم والألبان عنصرًا حيويًا في تعزيز سلامة وجودة الغذاء، وله أهمية تتجاوز مجرد مراقبة المنتجات حيث يساهم النظام في تحقيق مستويات عالية من الشفافية، مما يعزز الثقة بين المستهلكين والمنتجين ما يعظم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية وبما يعزز صادرات الأردن الغذائية.
وأضاف أن النظام يساعد في تحسين قدرة الجهات الرقابية على رصد وتحليل أي مشاكل قد تظهر في سلسلة الإمداد فعند اكتشاف أي منتج غير مطابق للمواصفات، يمكن اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة، مثل سحب المنتج من الأسواق أو تنفيذ استدعاءات سريعة، مما يقلل من المخاطر الصحية المحتملة، كما يعزز نظام التتبع من الكفاءة التشغيلية للقطاع الزراعي والصناعات الغذائية من خلال تحسين إدارة الموارد وتنسيق العمليات. يساعد ذلك في تقليل الفاقد وتجنب الهدر، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
وشدد الجيطان على ضرورة انشاء وتنظيم سوق التجزئة المحلي، ورفع القدرات التصديرية للشركات العاملة بالقطاع من خلال توفير برامج دعم تمكنها من دخول واختراق اسواق جديدة بالإضافة الى تطبيق اجراء التفتيش من طرف ثالث على المستوردات الغذائية في بلد المنشأ لتحقيق المنافسة العادلة وبما يسهم في رفع حصة المنتج الوطني محلياً، ورفع درجة الأمن الغذائي، ويعزز الميزان التجاري للمملكة.
ولفت الى اهمية الاسراع في انشاء مركز متخصص للابتكار بالصناعات الغذائية، قادر على تطوير حلول مبتكرة ومستدامة من خلال البحث العلمي والتطوير التقني لتعزيز عمليات التصنيع وتطوير المنتجات، وبما يعزز من امكانية وصوله للأسواق العالمية المختلفة وتلبية احتياج المستهلكين من جانب، وتنوع سلة المنتجات الغذائية الأردنية من جانب آخر اضافة للاسراع في اعداد استراتيجية للقطاع ووضع خطة عمل تفصيلية لتنفيذها.
وقال الجيطان ان لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع ممثلي قطاع الصناعات الغذائية، ومتابعته الحثيثة لسير عملية الانجاز في الرؤى الاستراتيجية والأولويات الخاصة بالقطاع، شكل حافزاً مهماً في هذا التوقيت لدفع عملية توسعة وتنمية القطاع من مختلف جوانبه، وبما يضمن تعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.
واشار الى اهمية مبادرة هوية الأردن لتسويق المنتجات الغذائية التي يتم العمل عليها بالشراكة مع هيئة تنشيط السياحة، وبما يضمن الترويج للمنتج الغذائي الاردني والتعريف به بمختلف الاسواق العالمية وفق منهجيات عالمية تعزز مكانة الهوية الاردنية كمصدر للغذاء الشرقي المتميز.
وأشار الى أن القطاع استطاع خلال العام الحالي استحداث أكثر من 1500 فرصة عمل للأردنيين وبارتفاع 5 % مقارنة بعدد العمالة الأردنية العام الماضي، ما يؤكد على قدراته التشغيلية.
وأوضح أن صادرات القطاع وصلت إلى ما يقارب 100 سوق حول العالم، وجاءت أبرزها داخل السوق السعودية والتي استحوذت على ربع صادرات القطاع، تليها العراق باستحواذها على ما يقارب 17 %، الإمارات بنسبة 9 %، وفلسطين بنسبة 6 %.
ولفت الى أبرز التحديات التي تواجه نمو وتطور القطاع محليا وفي أسواق التصدير منها رتفاع تكاليف الانتاج وخاصة فيما يتعلق بـ(كلف الطاقة)، حيث تصل الفروق الانتاجية مع دوول بالمنطقة الى أكثر من 40 %، بالإضافة الى تنامي المستوردات ذات المثيل المحلي بسبب الافتقار إلى سياسات الحماية وعدم فاعلية اليات حماية الانتاج الوطني والمعاملة بالمثل إذ يقدر حجم المستوردات الأجنبية بحوالي 1.5 مليار دينار لها بديل من الصناعة الوطنية الغذائية.
وبين أن التحديات تشمل ايضا ضعف عمليات التسويق والترويج، إذ يبلغ حجم فرص التصدير الضائعة لأكثر من 100 مليون دينار في ظل نفس حجم الإنتاج الحالي، بالإضافة الى الفحوصات والمطابقات التي تطبق على المنتج الوطني دون المنتج المستورد، الأمر الذي يؤدي للمنافسة غير العادلة بين المنتج الوطني والمستورد بالإضافة الى ضعف التكامل مع القطاع الزراعي، والذي يؤثر بشكل مباشر على ضياع فرصة كبيرة من الممكن إستغلالها داخل القطاع، والتغير المستمر في التشريعات، وتغول المراكز التجارية الكبرى والمولات، وغيرها من التحديات الاجرائية.الغد