زاد الاردن الاخباري -
في متابعة صحفية للقاء جلالة الملك عبدالله الثاني الثلاثاء مع قطاع الصناعات الغذائية تناولت احدى الصحف المحلية اليوم اراء المستثمرين في هذا القطاع وعدد من الاقتصاديين للتعليق على اهمية محاور اللقاء وكان هناك عنوان بالصحف المحلية بعنوان :
إصدار نظام التتبع الوطني للصناعات الغذائية يعزز من أمن الغذاء
طبعا الحديث داخل الخبر فعليا يدور حول اهمية اصدار “تعليمات تتبع الغذاء” !!!
وبالعودة للمؤسسة العامة للغذاء والدواء ، وقانون الغذاء ، نجد ان هناك تعليمات تتبع الغذاء صادرة في عام 2017 تحت اسم “تعليمات تتبع الغذاء واسترجاع الغذاء المخالف لسنة 2017” وتتضمن محاور رئيسية لتتبع الغذاء من “المزرعة الى المائدة” كما يصطلح على تسمية مثل هذا النظام.
وفي المادة 5 من التعليمات اعلاه توضح مسؤولية المنشأة الغذائية عن توفير نظام تتبع للغذاء والمواد الاولية المستخدمة في تصنيعه او تجهيزه ، وعهد للمؤسسة العامة للغذاء والدواء التأكد من قيام المنشآت الغذائية من استخدام نظام التتبع، وكما تمنح التعليمات ، المؤسسة ايضا التحقق من فعالية النظام وإلزام المنشأة الغذائية بإسترجاع الغذاء المخالف خلال فترة زمنية تحددها المؤسسة.
والاسترجاع وسحب البضائع غير المطابقة للمواصفات ، واحدة من اهم الفوائد التي يوفرها استخدام نظام التتبع ، بالاضافة الى اهداف عديدة من بينهما الوصول لثقة المستهلكين بالسلع الغذائية التي يوضح عليها من خلال ادوات معينة تطبع على غلافها تفاصيل السلعة والمواد المستخدمة في تصنيعها ومأمونيتها وامكانية قراءة تفاصيل المنتج عبر رمز الاستجابة QR وادوات اخرى متعارف عليها عالميا، تؤهلها للمنافسة في الاسواق الخارجية وتزايد فرص التصدير للخارج في ضوء مطابقتها لانظمة الغذاء المتعددة في مختلف دول العالم.
ما يعني ان المنشآت الغذائية تستخدم فعليا وعلى ارض الواقع نظام تتبع بموجب ما تفرضه التعليمات المشار اليها اعلاه ، او هكذا يفترض ؟؟
ولمزيد من تسليط الضوء على موضوع “تتبع الغذاء” وعمليات التصنيع والبيع نتعرف بشكل مبسط على ماهية “التتبع في صناعة الاغذية :
ما هو التتبع في صناعة الأغذية
التتبع هو عملية تتبع وتتبع حركة المنتجات الغذائية عبر سلسلة التوريد بأكملها.
إنه جانب مهم واساسي في صناعة الأغذية لأنه يساعد على ضمان سلامة الأغذية وجودتها وأصالتها.
وتوفر أنظمة التتبع وسيلة لتحديد مصدر المنتج الغذائي، والطريق الذي سلكه عبر سلسلة التوريد، والأشخاص أو المنظمات التي تعاملت معه.
وهنا نلقي نظرة على أساسيات التتبع في صناعة الأغذية.
1. أهمية التتبع في صناعة المواد الغذائية
تعد إمكانية التتبع أمراً مهماً في صناعة الأغذية لعدة أسباب.
أولاً، يساعد على تحديد مصدر تفشي الأمراض المنقولة بالغذاء، مما يسهل احتواء المرض ومنع انتشاره.
ثانياً، يساعد على ضمان أن المنتجات الغذائية ذات جودة عالية وتلبي المتطلبات التنظيمية.
ثالثاً، يساعد على منع الغش وحماية المستهلكين من المنتجات الغذائية المقلدة أو المغشوشة.
2. أنواع أنظمة التتبع
هناك عدة أنواع من أنظمة التتبع التي يمكن استخدامها في صناعة الأغذية.
الأكثر شيوعاً هي التتبع المستند إلى الكمية والعنصر.
يتضمن التتبع المستند إلى الكمية تتبع مجموعة من المنتجات التي تم إنتاجها معاً، بينما يتضمن التتبع المستند إلى العناصر تتبع العناصر الفردية عبر سلسلة التوريد.
تشمل الأنواع الأخرى من أنظمة التتبع التتبع الأمامي، الذي يتتبع حركة المنتجات من الشركة المصنعة إلى بائع التجزئة، والتتبع الخلفي، الذي يتتبع حركة المنتجات من بائع التجزئة إلى الشركة المصنعة.
3. التقنيات المستخدمة في التتبع
يمكن استخدام العديد من التقنيات في أنظمة التتبع، بما في ذلك الرموز الشريطية، وRFID، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
تعد الرموز الشريطية هي التكنولوجيا الأكثر استخداماً في صناعة الأغذية لأنها فعالة من حيث التكلفة وسهلة التنفيذ.
تعد تقنية RFID تقنية أكثر تقدماً تسمح بتتبع المنتجات ومراقبتها في الوقت الفعلي.
يستخدم نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتتبع حركة المنتجات أثناء النقل.
4. التحديات في تنفيذ التتبع
قد يكون تنفيذ أنظمة التتبع في صناعة الأغذية أمراً صعباً بسبب تعقيد سلسلة التوريد والعدد الكبير من أصحاب المصلحة المعنيين.
هناك أيضاً نقص في توحيد المعايير في الصناعة، حيث أن الدول والمناطق المختلفة لديها لوائح ومتطلبات مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون تنفيذ أنظمة التتبع مكلفاً، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وعند بند التحديات ربما هنا مكمن الهدف الذي اشار اليه جلالة الملك قبل يومين خلال لقائه مع قطاع الصناعات الغذائية في ضرورة ايجاد وتطوير التعليمات لتلبية الشروط الاساسية والتي تضمن من خلالها المنشآت الغذائية فرص اكبر في دخول الاسواق الخارجية.
وتوجيه جلالته للحكومة ضرورة الإسراع بالموافقة على تعليمات التتبع الغذائي، والتي قال جلالته انها “توفر معلومات عن الغذاء من مرحلة الإنتاج حتى البيع، كمتطلب لتعزيز وصول المنتجات المحلية إلى الأسواق العالمية.”
ويبدو ان اشارة جلالته لهذا الموضوع جاءت بناء على معطيات يفهم منها ان هذه التعليمات الصادرة في عام 2017 معطلة ولا تنفذ او ان هذه التعليمات بحاجة لتطوير ومواكبة التطورات الحاصلة في عالم التصنيع الغذائي في العالم ، او ان هناك خلل ما في ايصال المعلومة عن هذا الموضوع ، اضطر جلالته للتأشير اليها خلال اللقاء الاخير ؟؟
وما يزيد الحيرة ، هي التصريحات الصحفية الصادرة اليوم ايضا عن القطاع الصناعي ، والذي يطالب ايضا وبشكل مستغرب باصدار تعليمات التتبع الغذائي ، بالرغم من انها صادرة منذ اعوام عديدة اي في عام 2017 كما هو مرفق ادناه نسخة عن تعليمات تتبع الغذاء واسترجاع الغذاء المخالف لسنة 2017.
وخلال بحثي في هذا الموضوع ومراجعة الارشيف المتعلق بالاخبار المتعلقة بنظام تتبع الغذاء وجدت ان المؤسسة العامة للغذاء والدواء قد عقدت بحسب ما ظهر لي خلال البحث في عامي 2022 و 2023 لقاءات وورش عمل حول “التتبع الغذائي” بحضور منظمات دولية مثل مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغرفة التجارة الامريكية وبالتنسيق مع غرفة الصناعة ووزارة الزراعة وحصلت على دعم لاجراء الدراسات وورش العمل حول الموضوع من مؤسسة التمويل الدولية كما هو منشور.
ربما الطريق الأقصر لتنفيذ اهداف زيادة تنافسية الصناعات الغذائية وغيرها من الصناعات هي باعتماد آلية التفتيش المسبق من شركات عالمية معتمدة لدول الاتحاد الأوروبي وامريكا ودول عربية عديدة ، وهذه الطريقة تمنح المنتجات الأردنية المستوردة والمصدرة شهادة اعتماد تؤهلها لدخول الأسواق العربية المجاورة ودول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتختصر الكثير من الإجراءات البيروقراطية التي تؤثر على انسيابية البضائع المصدرة والمستوردة على حد سواء
من ابرز التحديات التي ستواجه الحكومة في انشاء منظومة تتبع غذائي هو التمويل لهذا المشروع الضخم والذي يتطلب توفير بنية تحتية متقدمة وموارد بشرية مؤهلة ووقت طويل لبناء النظام وصعوبة موائمته مع مختلف أنظمة الغذاء في دول العالم.
وبالتالي فإن اعتماد شهادة المطابقة الصادرة عن شركات عالمية معتمدة وتتخذ إجراءات تتبع الغذاء وفقا آليات عمل صارمة وتراعي للعديد من الأنظمة المعتمدة من دول العالم وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي وامريكا ودول الخليج.
وهذا يختصر على الأردن والقطاع الخاص كلف مالية ، حيث انه وفي حال تنفيذ المشروع فقد لا يؤدي الى النتائج المطلوبة في ظل اختلاف متطلبات قوانين وأنظمة الغذاء وشروطها من بلد الى بلد ، وهو ما يستطيع التفتيش المسبق وشهادة المطابقة تعويضه وبكلف اقل ونتائج افضل على صعيد زيادة تنافسية الصادرات التي تمر عبر هذا النظام الذي يحظى بموثوقية عالمية على أوسع نطاق.
ويحضرني بهذا المقام حادثة وقف استيراد الخضروات الورقية الاردنية من قبل دولة قطر قبل فترة ، واشتراطها الحصول على شهادة المطابقة من شركات عالمية تعمل بهذا المجال اعتمدتها قطر لادخال اي مواد غذائية او غيرها للتأكد من سلامتها على الصحة وكذلك انطباق شروط المواصفة المعدة من قبلها.