أُشفق، دائماً، على الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، فهو يحمل عبئاً كبيراً تنوء به الجبال، ولا يفتأ يطلق تصريحات وصرخات مدويّة يحذّر العرب من المخططات الإسرائيلية، ويتوعد برد فعل عربي إسلامي شديد.
آخر تصريحات التميمي، بعد إعلان نتنياهو ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة التراث اليهودي أن هدّد إسرائيل بأنّ قرارها (ذلك) "بمثابة إعلان حرب على المقدّسات الإسلامية في فلسطين سيؤدي إلى نشوب حرب دينية في المنطقة، لا تبقي ولا تذر".
تستقوي بمن يا شيخ تيسير! ليس لك إلاّ الله. ولسان حالنا جميعاً يقول لك "اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون".
ما دامت الدول العربية قد حبست نفسها في رهانات مجرّبة ومستهلكة لا تؤدي إلا إلى طريق مسدود، فإنّ إسرائيل لن تتردد في المضي قدماً في تهويد القدس والمقدسات وهدم الأقصى وبناء هيكلها، وتحقيق الخرافات التي قامت عليها دعائم الصهيونية التاريخية.
الرئيس محمود عباس الذي يمثّل "نهاية الاعتدال الفلسطيني" كان يشكو في الآونة الأخيرة من الضغوط المصرية عليه للعودة إلى طاولة المفاوضات، بعد التنازل عن شرط وقف الاستيطان. فلا يصدر عن النظام الرسمي العربي اليوم إلا رسائل متخاذلة عنوانها الرئيس "إننا عاجزون"، فبمن يا شيخ تيسير سيعبأ نتنياهو!
أمس، خلال حلسة مغلقة عن السياسات البريطانية تجاه المنطقة، مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط إيفان لويس، في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، أعجبتني عبارةً مُعبِّرة لأحد السياسيين الأردنيين المخضرمين، بأنّ "عدونا الحقيقي ليس إسرائيل إنّما الضعف العربي".
أزمتنا الحقيقية، اليوم، هي مع النظام الرسمي العربي. فهو من يُغلِق على نفسه الباب، ويشطب بدائله، ويخشى القراءة خارج "النص الأميركي"، ليس فقط يقف في الخندق المقابل للإيرانيين والحركات الشعبية كحماس وحزب الله، بل حتى الأتراك يطرقون الباب العربي، بلا جواب يشفي الغليل.
يا شيخ تيسير، ألم تسأل نفسك: لماذا لم يحسب نتنياهو حساباً للنظام العربي وللشارع العربي؟.
لا أعلم إن كُنتَ قد قرأتَ مقالَ أحلام مستغانمي "بلاد المطربين أوطاني"! دعني أقتبس لك منه "منذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري، ولم يجد الرجل في انتظاره من "الجماهير" التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربع في جريدة. بينما اضطر مسؤولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم (ستار أكاديمي) محمد عطية بعد وقوع جرحى جرّاء تدافع مئات الشبان والشابات، الذين ظلوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول الطائرة"!