تخيلوا رجلا يدخل الى أحد مطاعم الدرجة الأولى ويتفق مع مدير المطعم على استئجار طاولة عامرة بالاطايب والمشروبات من اغلى واثمن الانواع ، يجلس على الكرسي يضع الصحن امامة يحمل الشوكة والسكين ، يضع الفوطة على حضنه وينظر الى الطاولة ويرمق الزبائن الاخرين على سبيل التفاخر والتباهي. يمد يده ، لكنه يتذكر فجأة ان كل ما على الطاولة هو مستأجر وليس للأكل. يسيل لعابه وهو ينظر الى المشوي والمقلي والمطبوخ والمنفوخ والمسلوخ ، فيكاد يمد يده ، ثم يتذكرالاتفاق مع مدير المطعم ، اذا ازدرد لقمة واحدة او نصف رشفة ، فهو مضطر ان يدفع الثمن ثمن كل شيء على الطاولة ، وعلى زعيق أمعائة المتخمة بالجوع يتلهى او يحاول عن طريق مراقبة الزبائن الاخرين وهم ينظرون اليه فيكتشف انه قد لفت نظرهم لكثرة ما طلب ، يندهشون قليلا لأنه لم يمد يده الى الطعام ، ثم يتناسونه وينسونه رويدا رويدا.
لا تسخروا من هذا الرجل ، فهو نحن جميعا ، من عرب عاربة ومستعربة ومستغربة. نعم يا سادة اننا سادة التباهي الاخرق ، منذ ذالك الصبي الذي بلغ الفطام لتخرّ له الجبابر ساجدينا ، مرورا بالاعرابي التي تحدى المارة في سوق عكاظ ان يجرؤ احدهم على قطع قدمة بالسيف ، حتى وصل من هو اكثر منه تباهيا وقطعها ، وليس انتهاء بوعودنا القاطعة أمام سمك القرش بأننا سوف نتخمه من جثث اليهود .
البعض يتباهى بما فيه ، فيتهمه الناس بالغرور ، أما نحن فنتباهى بما ليس فينا وبعكس ما فينا.ة - نتباهى بالديمقراطية ونحن اكثر ديكتاتورية من طفل مدلل..
- احزابنا القومية تتباهى بقوميتها وهي الاشد اقليمية من اقليم التندرا، - احزاب اليسار تتباهى بالاشتراكية وهي اكثر رأسمالية من آدم سميث، - العشائري عائلي - والعائلي فردي - والفردي مفصوم،، نحن مجرد طواويس متباهية بشعرها الملون ، وعقولها منخورة كالجبن الفرنسي ، وعيونها رمداء.. وهي خاوية القلب والمعدة والجيب.
نحن.. من نحن؟ نحن ابناء يعرب اعرب الناس لسانا ، وانظر الناس عودا(وكمنجا).
وعين الحسود،.
ghishan@gmail.com