زاد الاردن الاخباري -
" خلينا أصدقاء أحسن " هذه المقولة تتردد بين أي شريكين وصلت علاقتهم معاً إلى حائط سد ، متخيلين أن هذه الجملة سوف تتحقق أركانها بسهولة بعد مشاعر وعاطفة دامت لوقت كبير ، فالحب عندما يرحل لا يرجع أبداً ولو بالصداقة فالمشاعر والأحاسيس من الصعب أن تتغير وتتبدل إلى شيء آخر .
فالحب وردة محاطة بالأشواك وردة لا تشرب إلا من كأسين فقط أما الصداقة فهي شجرة صلبة تمر بجميع الفصول وتبقي صامدة طالما هناك من يرويها ، فهل يتحول الحب إلى صداقة ؟ ولماذا ؟ سؤال طرحه " لهــن" على البعض .
الحب يتحول لعداء بين الطرفين
تؤكد مشيرة عبدالله ـ أخصائية اجتماعية ـ أنه لا يمكن للحب أن يتحول إلي صداقة فقد تتحول الصداقة إلي حب نعم ، وبمنتهي البساطة ، وأغلب قصص الحب كانت في الأصل صداقة ، لكن أن يتحول الحب إلي صداقة فهو المستحيل بعينه ، لأن ذلك يشبه تحول اللبن الحليب إلي رائب ، لكن أن يحدث العكس ويعود الرائب حليباً فهو الشيء المستحيل ، لأن الحب يكسر الحواجز التي تحتفظ بها الصداقة .
وتوضح مشيرة أن الحب يقرب أكثر بين الشخصين في كل المشاعر فتقع الحواجز التي تحتفظ بها الصداقة ، فتزول الكلفة لتحل محلها الألفة والمودة الحارة والأشواق والعواطف الجياشة ، فحين ينتهي الحب ، يصبح من المستحيل بلورة هذه المشاعر وإعادتها مرة أخري وتأثيرها في إطار الصداقة ، فتعود المشاعر الفياضة والعواطف الجياشة والأشواق الحارة لتتحول إلي مجرد حالة صداقة ليس للحب أو المشاعر فيها أي اعتبار ، وذلك لا يحدث في الغالب لأن الحب حين ينتهي ، يتحول إلي عداء من طرف ضد الآخر ما لم يكن العداء بين الطرفين .
مستحيل أن يتحول
ووافقها في الرأي أمل حسين ـ فنانة تشكيلية ـ موضحة أن الصداقة من السهل أن تتحول للحب ، ولكن من المستحيل أن يتحول الحب إلى صداقة أبداً ، لأن مشاعر الإنسان ليست كالآلة يمكن التحكم بها عن طريق "الريموت كنترول" ولكن الإنسان كتلة من الأحاسيس الفياضة لا ينسي الحب ولا يمكن أن يحوله إلى صداقة بمنتهي البساطة .
فمن يقول أن الحب من الممكن أن يتحول لصداقة لا شك أنه يقع بوهم كبير ، ويأخذ مسألة الصداقة للتقرب مرة أخرى إلى الحبيب ، وربما ليظل جانبه لينعم بقربه تحت أي مسمي من المسميات ، نار الحب لا يمكن أن تخمد إلا بالبعد ، ولكنها من السهل أن تشتعل مرة أخري بسهولة بما يسموه "صداقة"! .
أما سميرة مصطفي ـ خبيرة تجميل ـ تذكر أنه لا يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة ولا يمكن أن يصبح الحبيب مجرد صديق ، فالحب إحساس كبير يحمل للحبيب مشاعر كثيرة منها الصداقة والأخوة والحنان بكل المعاني التي تعنيها هذه المشاعر، فكيف تختزل في شيء واحد ـ الصداقة ـ لكن ممكن في حالة أنه كان مجرد التباس بالحب وليس حب حقيقياً قد يعترف الطرفين مبدئياً بأنه ليس حب ويكتفوا بالصداقة إذا كانت العلاقة بينهم بالفعل مازالت مستمرة بالمعروف .
الحب حب والصداقة صداقة
ومن وجهة نظر محمود عبد القادر ـ إعلامي ـ أن الصداقة التي تتحول إلى حب هذه هي مجرد كذبة كبيرة يضحك بها كلا من الطرفين على الأخر ، فالحب حب وقد تكون الصداقة ركن من أركانه ومن أسباب نجاحه فكيف يتحول هذا الحب إلى صداقة فقط .
ويشير محمود إلى أن قلب الحبيب عندما يدق ويشعر بأحاسيس جميلة تجاه شريكه لا يعرف أن يسيطر على ما بداخله ، فكيف يرضي في وقت من الأوقات أن يحكي أي طرف للأخر عن علاقة جديدة أو حب جديد أعتقد أن القلب سيحن مرة أخري له وستظهر مشاعر الغيرة بأي شكل من الأشكال دون أي سابق إنذار ، فأنا اعتقد أن الحب لا يمكن أن يتحول إلى صداقة مهما توهم الطرفين بهذه المقولة .
ويختلف معه في الرأي هشام عادل ـ مهندس كمبيوتر ـ موضحاً أن الحب قد يتحول في أوقات كثيرة إلى صداقة إذا كان الطرفين عقلانيين فكل منهما يبحث للأخر عن السعادة مع شخص أخر يقدره ويحبه ، فأنا إذا حدث معي هذا الموقف فاعتقد أنني سوف أكون صديق جيد لها ، لأنني أحب بعقلي أكثر من قلبي والعقل هو المتحكم الأكبر في المشاعر ، فالعقل هو الذي يحدد طبيعة العلاقة وليس القلب ، فلا داعي لأن ننجرف وراء مشاعرنا وحبنا لأن هذا الحب إذا كان سليم وصحيح من البداية لبقي كما هو ولم يتأثر بأي شيء وكان قد توج بالزواج لكنه من المؤكد أنه كان ينقصه ركن أو شيء من نجاحه ، فلماذا لم أفوز بها كصديقة وبالتالي ستكون صديقة مقربة ومتفاهمة لي جداً.
صعب في مجتمعنا الشرقي
د. سامية خضر
وعن تحول الحب إلى صداقة تؤكد د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لــ " لهـنّ " أن الصداقة يمكن أن تتحول بسهولة إلى حب ، لكن من الصعب جداً أن يتحول الحب إلى صداقة وخاصة في الدول الشرقية فسريعاً ما يتحول شعور الحب فيها إلى شعور بالإحباط والكره والثأر والرفض من الطرفين ، لكن في الدول الغربية يمكن أن يتحول هذا الشعور إلى صداقة عادية بل وقوية أيضاً وذلك لأنهم يتميزون بثقافة مختلفة بها عقلانية وترابط .
أما بالنسبة للمجتمعات الشرقية فلا يحدث هذا التحول إلى في نطاق بسيط وفي أمور ضيقة جداً ، وذلك لأنه يتحول شعور الحب إلى عداء بين الطرفين لإحساس كل منهما أن كرامته قد جرحت بالرفض فيعتبروا أن البعد وعدم الصداقة هو بمثابة رد شرف لما حدث .
وتتمني د. سامية خضر أن يتحول الحب إلى صداقة أو زمالة بين الشريكين أو على الأقل أن يتمني كل طرف للأخر السعادة في حياته ، وضربت مثل بالزوجين عندما يحدث بينهما حالة طلاق فتبدأ الأم بإهانة الأب أمام الأطفال والعكس فهذا أكبر دليل أن الحب لا يتحول إلى صداقة أبداً فالصداقة بها حب وإخلاص وعفوية ، موضحة أنه إذا تم الطلاق بين الطرفين لكن في حالة صداقة قد يكون هذا الانفصال مغلف بالصداقة التي تحتم على الطرفين احترام كل منهما أمام الأبناء وبذلك لا يتسببوا في حدوث عقدة أو مشاكل نفسية للطفل .
وتذكر د. سامية أنه يجب على كل أم وأب أن ينصحوا الأبناء بأن الحياة إيجابية أحياناً وسلبية أحياناً ولا تمشي على خط واحد فهي متقلبة ومختلفة .
النضج العاطفي يحول الحب لصداقة
ويري الأطباء النفسيون أن الحب يمكن أن يتحول إلى صداقة في حالة النضج العاطفي لأطرافه وهذه الحالة محكومة بسن معين وبتجارب معينة وربما ثقافة معينة قوامها : التسامح والديمقراطية ، أي التسامح مع أخطاء الحبيب ، واحترام مشاعره حين تبرد تجاهنا فلا يغدو الحب حبا بالنسبة له ، ولا الحبيب المنشود الذي يتمناه .
وقد يحدث هذا الأمر بسبب حالة اندفاع عاطفي تحت ظرف معين ، الأمر الذي يؤسس لعلاقة حب وهمية لا تنكشف حقيقتها إلا بعد زمن، وتجارب واختبارات ، وفي هذه الحالة يصبح التراجع عن الخطأ أفضل من الاستمرار فيه ، لكن قد لا يتفهم الطرف المتضرر ذلك ، فيرفض عبارة " ممكن نكون أصدقاء فقط " وخصوصاً إذا كان في مرحلة المراهقة ، أو التجارب العاطفية الأولى التي لم تعرف اختبارات نضج الحياة بعد .
وينوه الأطباء النفسيون أن الحب لا يمكن أن يتحول إلى صداقة ، إذا كانت هناك حالة خداع ، أو ابتزاز للمشاعر، أو غدر بالحبيب بأي شكل من الأشكال ، فالشخص المجروح لا يقبل أن يتحول الحبيب الذي جرحه إلى صديق ، لأن هذا الأمر يستفز مشاعره، ويهيج شجونه، وربما يوقظ ذاكرة الألم في نظرته للحبيب الذي كان ، وبالتالي يعجز عن القبول به كصديق في موقعه
الجديد .
فالحب يمكن أن يتحول إلى صداقة ، إذا كان الانسحاب من موقع الحبيب إلى موقع الصديق قائم على مبدأ حسن النية ، واحترام المشاعر الحقيقية ، لا التلاعب والمراوغة ، وفي حالة النضج المثلى، يمكن أن يتحول الزوجين اللذين أحبا بعضهما وتزوجا وأنجبا ثم انفصلا إلى أصدقاء، بمعنى الصداقة الاجتماعية العامة وتظل تربطهما علاقة حسنة ، تعترف بقيم الحب الذي كان ، وتحترم الأسباب التي أدت إلى نهاية الحب .
المحيط