تُعد عملية ردع العدوان في سوريا محطة بارزة في مسار الصراع الذي اندلع منذ عام 2011، حيث جاءت هذه العملية كاستجابة متعددة الأطراف لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية التي أفرزتها الحرب السورية. تهدف هذه العملية، التي تقودها مجموعة من الدول ذات المصالح المتقاطعة، إلى تحقيق عدة غايات، أبرزها القضاء على الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش"، والحد من التدخلات الأجنبية غير المشروعة، وإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية بما يضمن استقرار المنطقة. ومع ذلك، فإن تعقيد الأزمة السورية وتشابك مصالح القوى الإقليمية والدولية جعل من هذه العملية مشهدًا متداخلًا يحمل انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على دول الجوار، ومنها الأردن.
من أبرز الدول الداعمة لعملية ردع العدوان في سوريا، تأتي روسيا في المقدمة، حيث تُعتبر الحليف الأبرز للحكومة السورية، من خلال توفير الدعم العسكري واللوجستي بهدف الحفاظ على النظام السوري ومنع انهياره. كذلك، تلعب إيران دورًا محوريًا في تعزيز قدرات القوات الموالية للنظام السوري عبر تقديم الدعم المالي والعسكري للميليشيات المتحالفة معها، مما يعكس سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي. وعلى الجانب الآخر، تعمل الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف الدولي على تنفيذ عمليات تستهدف تقويض قدرات التنظيمات الإرهابية، لكنها تتجنب الانخراط المباشر في الصراع السياسي السوري، مما يجعل أهدافها محدودة ضمن إطار مواجهة الإرهاب فقط. بالإضافة إلى ذلك، هناك دول إقليمية، مثل تركيا، التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة عبر تأمين حدودها الجنوبية ومنع قيام كيانات كردية مستقلة على مقربة منها.
تهدف هذه العملية إلى تحقيق مجموعة من الغايات الاستراتيجية التي تتجاوز البعد العسكري المباشر. فمن جهة، تسعى الدول المشاركة إلى ضمان وحدة الأراضي السورية ومنع تقسيمها، وهو ما يُعد عاملًا حاسمًا في استقرار المنطقة. ومن جهة أخرى، تهدف إلى إنهاء وجود الجماعات الإرهابية التي استغلت الفوضى السورية لزيادة نفوذها، وذلك لضمان عدم تصدير التهديدات إلى الدول المجاورة والعالم. بالإضافة إلى ذلك، تُعد إعادة بناء الدولة السورية، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، إحدى الغايات الأساسية، حيث إن تحقيق الاستقرار في سوريا سيؤدي إلى تخفيف التوترات الإقليمية ويمهد الطريق أمام عودة اللاجئين وإعادة بناء المجتمعات المحلية.
أما بالنسبة لتأثيرات عملية ردع العدوان على الأردن، فإن المملكة كانت وما زالت من أكثر الدول تأثرًا بالأزمة السورية. فمن الناحية الأمنية، ساهمت العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية في تقليص التهديدات على الحدود الأردنية، مما عزز حالة الأمن الداخلي. ومع ذلك، فإن الأردن لا يزال يواجه تحديات كبيرة نتيجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، حيث استقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، ما فرض ضغوطًا على البنية التحتية والخدمات العامة. علاوة على ذلك، فإن استمرار الأزمة في سوريا يُبقي الأفق التجاري بين البلدين غير مستقر، رغم وجود بوادر تحسن مع فتح المعابر الحدودية.
وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن نجاح عملية ردع العدوان في تحقيق أهدافها يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على تجاوز خلافاتها والعمل على تسوية سياسية شاملة تُنهي معاناة الشعب السوري. بالنسبة للأردن، فإن أي حل مستدام للأزمة السورية سيكون له انعكاسات إيجابية مباشرة على أمنه واستقراره، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا بما يخفف من الضغوط التي تعاني منها المملكة. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، يبقى الأردن لاعبًا محوريًا في دعم الاستقرار الإقليمي، مع ضرورة الاستمرار في تبني استراتيجيات مرنة للتعامل مع التطورات المستمرة.