أمس الاحد، قدم رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان بيان حكومته امام مجلس النواب.
و اليوم الاثنين، سوف يبدأ الماراثون الخطابي النيابي للثقة بالحكومة.
و كما تعودنا، ومن خبرة بمجالس نيابية سابقة، فان النواب سوف يمطرون الحكومة خطابات : مدحا وذما.
و في النهاية سوف يعطون او يمنحون الحكومة الثقة.
و ثمة فارق لغوي بين المنح واعطاء الثقة.. فالمنحة لا تسترد اما العطاء، فانه قابل للتفاوض والاسترداد. الحكومة لا تحتاج الى ثقة مطلقة من النواب.
و لا انصح رئيس الحكومة وفريقه الوزاري بان يشتغلوا على ثقة مطلقة او واسعة من النواب.و تذكرون، وما لا يمسح من الذاكرة السياسية الاردنية.. كيف اطاح مجلس النواب ال17 بحكومة سمير الرفاعي عندما منحه اكثرية 111 من 120 نائبا.
الثقة النيابية العمياء بالحكومة لها انعكاس شعبي على الحكومة. وثمة ما يوجب الحذر والتنبه من لغة التوافقات السائدة في مجلس النواب.
و ما قد تؤدي الى تعطيل وعدم نضوج ولادة نيابية حزبية قويمة . الحكومة بحاجة الى ثقة نيابية معقولة ووازنة، وثقة تلبي الغرض الديقراطي، ولا تشكل حرجا على الحكومة امام الشارع والاعلام. و في موضوع الثقة النيابية، فانها اسلوب ديمقراطي متقدم. وهي امتداد لموازين القوى النيابية تحت القبة.
و النائب الراشد لا ينظر الى الحكومة انها خصم او صديق حميم. وانما ثمة مسافة وخطوطا حمراء فاصلة بين النائب : المشرع والرقابي والحكومة.
و سواء كان خطاب النواب قادحا للحكومة او حميميا للحكومة، فسيكون له انعكاس على مردود العلاقة بين السلطتين امام الرأي العام والاعلام.
لاول مرة تحت القبة توجد احزاب مدسترة، وتمارس دورا رقابيا وتشريعيا على الحكومة.
و الاحزاب على اختلاف مشاربها ومرجعياتها السياسية سيكون الباب مفتوحا امامها لتقول وتطرح خطابها البرامجي والسياسي تحت القبة، وعلى مسافة صفر من الحكومة وعقل الدولة.
و ما هو مأمول اختفاء ظاهرة النواب الفردية.. وأن يعي النواب انهم امام عهد نيابي جديد، ويخرجوا من عباءة النائب الفرد التي عهدناها في مجالس نيابية سابقة.
الديمقراطية والديمقراطية الحزبية ليست نظرية في كتب ومراجع الجامعات والتنظير السياسي. بل انها ممارسة، وخلاصتها من الف الى الياء، احترام الحوار والرأي والرأي الاخر.
و السطر السابق موعظة سياسية وطنية. واقصد وضعها امام احزاب وتيارات سياسية حازت على اصوات عالية في الانتخابات. وبعض نوابها وقياداتها يظنون انهم اوصياء على الديمقراطية الاردنية واوصياء على الشعب الاردني، وأنهم بصندوق الاقتراع اخذوا مفاتيح المجلس واركان السلطة.
هناك فرصة أمام السادة النواب ليستوعبوا العملية الديمقراطية والتحولات السياسية في البلاد.. وجهود مضاعفة ليحموا استمرار العملية الديقراطية الاصلاحية، وان يضعوا امام اعينهم الدستور الاردني وما نص وجوبا في ترسيم العلاقة ما بين السلطات الثلاث. لا اقدر غير القول إني متفائل في مجلس النواب الحالي ال 20.. وتفاؤلي ليس مطلقا او محدودا في رهانات ومراجعة وتقييم.
هناك نواب جدد، ، وهناك نواب سابقون لم يغادروا مقاعدهم منذ دورات نيابية، يغيبون وثم يعودون الى القبة، واطال الله اعمارهم ومدهم بالصحة والرشد النيابي والسياسي.