يدخل النظام السوري بقيادة بشار الأسد واحدة من أصعب المراحل منذ اندلاع الثورة في عام 2011 ، مرحلة تتسم بتآكل داخلي غير مسبوق وتفاقم التحديات الميدانية، مما جعل بقاء الأسد في السلطة محل شك حتى داخل الطائفة العلوية، التي شكلت ركيزة أساسية لدعمه تاريخيًا ، فعلى الصعيد العسكري، تتساقط مناطق السيطرة بشكل متسارع ، وقد تكبد النظام هزائم متتالية في وسط سوريا على يد تنظيم داعش، وفي الشمال أمام قوات "جيش الفتح"، وفي الجنوب بفعل ضربات الجيش السوري الحر ، و هذه الخسائر كشفت هشاشة النظام وأضعفت قبضته على السلطة، فيما تؤكد مصادر دبلوماسية أن هذه التطورات أجبرت النظام وحلفاءه على إعادة تقييم استراتيجياتهم ،
وتشير تقارير دبلوماسية حديثة كشفت عن اجتماع مغلق في باريس، جرى على هامش التحالف الدولي ضد داعش، حيث تمت مناقشة خارطة طريق لمرحلة انتقالية في سوريا ، تضمنت الخطة اختيار شخصية علوية معتدلة لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، بالتزامن مع تأمين خروج آمن لبشار الأسد إلى دولة غير موقعة على اتفاقية روما، لتجنب محاكمته دوليًا ، و
هذا التوجه يعكس توافقًا دوليًا على ضرورة تغيير القيادة السورية كجزء من حل سياسي شامل، دون تكرار سيناريوهات الفوضى التي شهدتها دول أخرى بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية ، وفي ظل هذه المعطيات، بدأت بعض الدول الخليجية، رغم حساسيتها تجاه تنظيمات متطرفة، بتنسيق محدود مع "جبهة النصرة"، المدرجة على قوائم الإرهاب، سعياً لتشكيل جبهة موحدة ضد النظام السوري وداعش ، كما باتت ضربات التحالف الدولي تدعم بشكل غير مباشر تقدم "جيش الفتح"، في إشارة إلى تغيير أولويات التحالف ، وعلى الجانب الآخر، دفع التدهور العسكري حلفاء الأسد، وعلى رأسهم حزب الله وإيران، إلى تعزيز وجودهم العسكري لحماية دمشق، مما أدى إلى استياء داخل الطائفة الشيعية اللبنانية بسبب ارتفاع الخسائر البشرية ، وفي الطائفة العلوية، بدأت الشكوك تتزايد مع تراجع الثقة بقدرة النظام على حمايتهم، فيما تصاعدت الضغوط الوجودية مع تقدم الفصائل المعارضة في مناطقها التقليدية ، ولم يقتصر التصدع على الطائفة العلوية، بل امتد إلى الطائفة الدرزية، التي طالما اعتُبرت من الحلفاء التقليديين للنظام ، و باتت قيادات درزية تطالب بالاعتماد على الدفاع الذاتي بعد فشل الجيش السوري في تأمين الحماية ، و هذا التحول يعكس خيبة أمل عميقة ويؤشر إلى أن النظام يفقد تدريجياً حلفاءه التقليديين ، وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن البحث جارٍ عن دول مستعدة لاستقبال الأسد وعائلته، بما يضمن تحييده عن المشهد السياسي وتجنب المحاسبة الدولية ، و بين الخيارات المطروحة، تبدو روسيا وإيران وجهتين محتملتين، في حين تثار احتمالات اللجوء إلى سويسرا بالنظر إلى الأصول المالية لعائلته هناك ، وجدير بالذكر أن
موقف الإنسانيين واضح وثابت ، حول ضرورة محاسبة الأسد على جرائمه ضد المدنيين، بغض النظر عن أي ترتيبات سياسية تضمن انتقال السلطة ، سيما وأن العدالة يجب أن تكون حجر الزاوية في أي حل سياسي، لضمان عدم تكرار المآسي في المستقبل ، واليوم، تقف سوريا أمام مفترق طرق حاسم، حيث تتشابك الحسابات الإقليمية والدولية مع المصالح الداخلية ، و الاتفاق النووي الإيراني، الذي شكل نقطة تحول في المعادلات الإقليمية، ساهم في تسريع وتيرة البحث عن حل سياسي ، حيث يجري العمل حاليًا على اختيار شخصية سورية ذات قبول واسع، قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية وضمان انتقال سلس للصلاحيات ، و
بين الانهيار والتخلي، وبين محاولات إطالة أمد الصراع وسعي العالم لإنهائه، تظل سوريا اليوم أمام فرصة تاريخية لإنهاء معاناة شعبها ، وما زال السباق مع الزمن لإعادة بناء الدولة ، والذي يبدأ بوضع حد للحرب، وإرساء أسس نظام ديمقراطي يعيد للسوريين الأمل بمستقبل أفضل ، لأن سوريا تستحق الأفضل، وشعبها يستحق الحرية والكرامة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .