يشهد سوق العقارات في الأردن، وخاصة الشقق السكنية، ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الإيجارات، مما تسبب في أعباء مالية خانقة للمواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود ، وهذا الارتفاع الجنوني لم يعد مجرد مسألة اقتصادية، بل أصبح أزمة تؤثر بشكل مباشر على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتدفع الكثيرين نحو التعثر المالي وما يترتب عليه من مشاكل متعددة ومتنوعة من بينها ، "التعثر المالي " وتداعياته الوخيمة على الأسر ، حيث يجد المواطن الأردني نفسه اليوم في مواجهة ضغوط مالية هائلة، وقد أصبح جزء كبير من دخله الشهري يذهب لتغطية تكاليف الإيجار ، مع دخل لا يتجاوز 500 دينار شهريًا لدى العديد من الأسر، ويصبح من الصعب تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى مثل التعليم، الصحة، والغذاء ، و هذا الاختلال في توزيع الموارد يؤدي إلى تراكم الديون، وتعثر مالي يُدخل الأسر في دوامة من الأزمات المتتالية ، وجدير بالذكر أن التعثر المالي الناتج عن ارتفاع الإيجارات قد يؤدي أيضًا إلى تفاقم مشكلات اجتماعية خطيرة مثل تفكك الأسرة، وزيادة النزاعات بين المالكين والمستأجرين، وصولًا إلى حالات الإخلاء القسري ، فضلًا عن ذلك، فإن الأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف الإيجار تلجأ إلى السكن في مناطق أقل جودة، مما يعرّضها لظروف معيشية غير لائقة ويؤثر سلبًا على صحتها وسلامتها ، إضافة لذلك مطالبة المستأجر مالياً في المحاكم ، لا بل وسجنه ، والسبب ماذا ، ترك هذه المشكلة التي أصبحت" أم المشاكل " في الأردن بلا حلول !!
ولا يقتصر تأثير هذه الأزمة على المستوى الفردي، بل يمتد ليشمل الاقتصاد الوطني ككل ، فالتعثر المالي يقلل من قدرة الأسر على الإنفاق، مما يؤثر سلبًا على الحركة الاقتصادية ويضعف من ديناميكية السوق المحلي ، لا بل وزيادة الطلب على المساعدات المالية الحكومية ، والجمعيات الخيرية ، ما يضع ضغطًا إضافيًا على موارد الدولة ، بالتالي وفي ظل غياب معايير واضحة لتحديد الإيجارات ، تتأزم المشكلات أكثر ، ولا بد من تدخل حكومي عاجل ، إذ
يتسم سوق الإيجارات في الأردن بتفاوت كبير في الأسعار، حيث تختلف الإيجارات بشكل غير منطقي حتى داخل نفس المنطقة ، و تُترك الأمور لتقدير المالك، مما يفتح الباب أمام استغلال المستأجرين ويفاقم من الأزمة ، و هذا الوضع يتطلب وضع إطار تنظيمي يراعي الموقع، المساحة، عمر البناء، ومستوى الخدمات المقدمة، بما يضمن تحقيق العدالة للطرفين ، وهنا ندعو
إلى تدخل حكومي عاجل ، ففي ظل هذه الظروف، يصبح التدخل الحكومي ضرورة ملحة ، لهذا نعود ونناشد الحكومة العمل على وضع تشريعات وتنظيمات لضبط أسعار الإيجارات، بما يضمن حماية المستأجرين من الإستغلال ، وفي الوقت نفسه يحقق العدالة للمالكين ، و يمكن تحقيق ذلك من خلال ما يلي :
1. تحديد سقوف للإيجارات لكل منطقة بناءً على معايير موضوعية.
2. إنشاء هيئة مختصة لمراقبة سوق الإيجارات وتلقي شكاوى المستأجرين.
3. تقديم حوافز للمالكين الذين يلتزمون بأسعار معقولة، مثل تخفيضات ضريبية.
نتحدث عن العدالة الاجتماعية واستقرار المجتمع ، سيما وأن
ضبط سوق الإيجارات هو خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية واستقرار المجتمع ، والسكن الكريم بأسعار معقولة حق أساسي لكل مواطن، ويجب أن يكون في متناول الجميع ، و تحقيق هذا الهدف لن يسهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل سيعزز من الاستقرار الاجتماعي، ويقلل من التفاوت الاقتصادي، ويحد من المشكلات الاجتماعية الناتجة عن التعثر المالي ، أما ترك سوق الإيجارات دون تنظيم سيؤدي إلى تفاقم الأزمات المالية والاجتماعية، مما يهدد استقرار المجتمع بأسره ، لذلك، نناشد الحكومة باتخاذ خطوات جادة وسريعة لضبط هذا السوق، وضمان توفير السكن الكريم بأسعار عادلة، بما يسهم في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين وتحقيق توازن مستدام بين حقوق المالكين والمستأجرين. ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .