رغم أن الأصوات المتشائمة تزداد وتيرةً، حيث يعتبر البعض أن سوريا باتت في قلب العاصفة التي تهدد بتمزيق نسيجها الوطني، إلا أنني أرى في الشعب السوري مكونًا فريدًا قادرًا على استنهاض القيم الإنسانية التي يمكنها أن تبهر العالم.
قد يبدو هذا الرأي متناقضًا مع التحليلات السياسية التي تحذر من مستقبل مظلم، حيث تجد سوريا نفسها محورًا لصراعات دولية وإقليمية، من الولايات المتحدة التي تتنافس على مناطق النفوذ، إلى تركيا وإيران وروسيا وغيرهم من القوى التي تلعب أدوارًا متباينة في الداخل والخارج السوري، وصولاً إلى الأطراف العربية التي تتأرجح بين المصلحة الوطنية والتدخلات الأجنبية.
لكن، وسط هذا التشابك الدولي المعقد، يبرز الأمل الأمل ليس مجرد تمني، بل هو قراءة عميقة لإرادة الشعب السوري وتاريخه الذي يزخر بمحطات صمود ووحدة في وجه أعتى الأزمات، الشعب الذي تجاوز عقودًا من الأزمات السياسية والاجتماعية يثبت مرارًا أن لديه من التماسك والوعي ما يكفي لتحويل المحنة إلى منحة، والتحدي إلى فرصة.
سوريا ليست مجرد جغرافيا أو حدود سياسية؛ هي فكرة تحمل في طياتها مفهوم التنوع الثقافي والديني والقومي لقد عاش السوريون معًا، رغم كل الفروقات، وخلقوا نسيجًا اجتماعيًا متجانسًا يصعب تفتيته. هذا التماسك، وإن بدا مهددًا أحيانًا، يظل عامل قوة يمكن البناء عليه.
إن العالم يحتاج إلى رؤية جديدة، رؤية تعيد الاعتبار للقيم التي يمكن أن توحد الشعوب بدلًا من تفريقها، وفي هذا السياق، يمكن لسوريا أن تكون النموذج الملهم. نعم، الطريق طويل، والعقبات كثيرة، لكن الإيمان بوحدة الوطن وإرادة أبنائه هي السلاح الأقوى في وجه كل المخططات.
قد تكون السياسة لعبة قوى، لكن الشعوب هي من تصنع التاريخ. وسوريا، بوعي شعبها وحبهم لوطنهم، قادرة على أن تقدم درسًا تاريخيًا جديدًا للعالم: درسًا في التماسك، العقلانية، والانفتاح. درسًا في كيفية تحويل الألم إلى قوة، والشتات إلى وحدة، والمستحيل إلى حقيقة.
في الختام :
إنني على يقين أن الشعب السوري، بما يملكه من تاريخ وثقافة وعزيمة، سيثبت للعالم أن المستقبل يُصنع بالوحدة والإيمان، وليس بالتقسيم والخضوع. سوريا ليست مجرد ساحة للصراع، بل هي وطن للسلام، والانتماء، والأمل.
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي