هما مفهومان مترابطان يمثلان العمود الفقري لأي رؤية تسعى إلى التحرر والوعي الجمعي على المستويين الفردي والجماعي ، فبينما تعكس الإنسانية المبادئ والقيم الأخلاقية التي تجعل الإنسان متفردًا بوعيه وقدرته على التعاطف والتعاون، يمثل الأمن الإنساني القاعدة المادية والروحية التي تضمن ازدهار هذه القيم في واقع الحياة ، وجدير بالذكر أن الإنسانية: وعي أخلاقي جامع ، سيما وأنها ليست مجرد شعور بالتعاطف أو التضامن، بل هي رؤية شاملة تقوم على إدراك أن الإنسان جزء من كل متكامل، يمتد ليشمل الإنسان الآخر، الطبيعة، وحتى الكون بأسره ، وتقوم الإنسانية على قيم مثل:
الكرامة: حيث لا يتم اختزال الإنسان إلى مجرد وسيلة، بل يُنظر إليه كغاية بحد ذاته.
التسامح: باعتباره جوهر العلاقة بين الشعوب والثقافات.
التكافل: إدراك أن رفاه الفرد مرتبط برفاه الجماعة .
أما الأمن الإنساني: فهو القاعدة الصلبة للتحرر ، حيث لا يمكن الحديث عن الإنسانية كوعي جامع دون الإشارة إلى أهمية الأمن الإنساني ، وهو مفهوم حديث يتجاوز الأمن التقليدي المرتبط بالجيوش والحدود، ليشمل أبعادًا أعمق ، مثل :
1. الأمن الاقتصادي: توفير حياة كريمة تُغني الإنسان عن القلق بشأن احتياجاته الأساسية.
2. الأمن الصحي: ضمان وصول الجميع إلى الرعاية الصحية.
3. الأمن الاجتماعي والسياسي: الحماية من العنف والاضطهاد.
4. الأمن البيئي: الحفاظ على بيئة صالحة للعيش للأجيال القادمة.
5. الأمن العلمي : حيث يعتبر توفير العلم القائم على المعرفة العلمية والبحوث العلمية ، التقليدية منها وغير التقليدية ، للارتقاء بالإنسان بشتى المجالات.
ما يعني أنهما يشكلان معاً أسس التحرر الحقيقي ، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تلتقي الإنسانية بالأمن الإنساني في انسجام كامل ، فالتحرر ليس مجرد انعتاق من القيود المادية، بل هو تحرير للوعي من قيود الجهل والخوف ، فعندما يتوفر الأمن الإنساني بجوانبه المختلفة، تزدهر الإنسانية وتتحول إلى قوة إيجابية دافعة للتحرر ، كل ذلك يحتاج إلى ما نسميه : "الوعي الإنساني الجامع " فالغاية الكبرى تتمثل في الوعي الإنساني الجامع ، الذي يمثل التجسيد الأسمى لاندماج الإنسانية والأمن الإنساني ، إنه إدراك شامل للعالم باعتباره منظومة متصلة، تتطلب تعاونًا مشتركًا لتحقيق التوازن بين حقوق الفرد وواجباته تجاه الآخرين ، ويتطلب هذا الوعي تجاوز الفروقات القومية والدينية والثقافية ، ويعتمد على تطوير أنظمة تعليمية وإعلامية تسهم في بناء عقول قادرة على التفكير النقدي والتواصل مع الآخر ، كما يستند إلى قيم عالمية تتجاوز النزاعات السياسية والاقتصادية، مركزةً على رفاه الإنسان والكون ككل ، وإذا لخصنا نقول : الإنسانية والأمن الإنساني هما جناحا التحليق نحو مستقبل مشرق يتحرر فيه الإنسان من قيوده النفسية والمادية، ويكتسب وعيًا جامعًا يمكّنه من التفاعل مع محيطه بوعي أكبر ومسؤولية أعمق ، وعليه، فإن أي جهد يُبذل لبناء عالم أكثر إنسانية وأمانًا هو خطوة نحو تحقيق التحرر والوعي الجمعي الذي يطمح إليه كل إنسان مدرك ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .