استوقفني جمال العبارة "ويبقى الياسمين أبيضاُ مهما خانته الفصول" فهي عبارة عن بيت شعر من الشعر العربي القديم، وترمز إلى الثبات والاستقرار والجمال الذي لا يتأثر بتغيرات الزمان والظروف المحيطة.
جعلتني أتساءل متى آخر مرة واجهت تحديا في حياتك… هل تتذكر كيف كانت طريقة تعاملك مع هذا التحدي.. هل كان سبباً في تغيير مجرى حياتك؟؟
عندما تواجهنا صعوبات الحياة وتقابلنا الشدائد قد لا نستطيع في هذا الوقت ملاحظة باقي نعم الله التي نعيشها وأيضاً لا نرى فائدة مواجهتنا لتلك الشدائد وهي صقلنا وتخلصنا من الاعباء الشديدة التي تثقلنا وتربطنا في الأرض، وعلى نفس القدر من الأهمية فالشدائد تجعلنا أفضل كأشخاص فدائماً بعد الحروب تأتي الغنائم ويكسبها من تحمل الحرب إلى النهاية ولم يتخلف أو يستسلم. الشدائد تعلمنا أن نكون أكثر مرونة كما تزيد من ايماننا بالله وتعلمنا استثمار الفرص.
نحن نعيش في وقت كثرت به التحديات وفي جميع جوانب الحياة تقريباً. فالتحديات تأتينا اليوم من كل مكان ولقد لاحظت كثيرا ان الانسان الناجح في حياته او المتميز في أفكاره وعمله، تجد ظهور من يحاول ان يثنيه عن هذا النجاح ويحاربه بشتى الطرق والوسائل، فتجده يشوه صورته وينتقده في كل صغيره وكبيرة، هنا لابد ان ندرك ان كلما كنت مميزا كلما اصبحت اكثر عرضة للانتقاد، وذلك لأن تميزك محسوب عليك في كثير من الأوقات .فلنعتبر تصرفات الاخرين نوعا من أنواع القصور في التعامل مع مثل هذه الفئة، ليست الغيرة والحقد دائما هي الأسباب الحقيقية وراء محاربة الناجح، هناك نقص الثقة بالنفس واهتزاز الشخصية فترى هذه الفئة هي التي تحارب التمييز والنجاح، ولعل أفضل شيء وأفضل حل لمثل هذه المواقف هي التجاهل التام ورفع الكفاءة اكثر واكثر وتعزيز الانتاجية والتمييز ومضاعفة نجاحك وتمييزك .
صاحب الحق لا يثبطه ولا يكبحه ما يتعرض له من انتقاد وسوء، بل إن ذلك مما يسهم في دفع عجلة الإنجاز عنده إلى أفضل المواقع وأعلى المنازل، حيث تصبح صفاته الحميدة فكرة عملية مركزية حاكمة لسلوكه ومسيطرة على عقله وصناعة قراره، مما يزيد من توفيق جهوده وتسخير العناصر البشرية والطبيعية لخدمته وتقديم العون له، فيسهل عليه تجاوز التحديات والصعوبات، بل وأكثر من ذلك فهي تهيئ له الفرص وتمكنه مما يطمح إليه ويبتغيه بنزاهة ومصداقية.
ان اعداء النجاح هم من يكسوهم شعور دائم بالفشل أمام أنفسهم وان كانوا ناجحين أمام أعين الآخرين، كما أن ممارسة العدائية تجاه أي نجاح في رأيي الشخصي اشكالية أزلية وثابتة من ثوابت الكون ولدت بولادة النجاح والإنجاز وهي عائق تكبد منه الرسل والأنبياء كثيراً من قبل، وعانى منه العلماء والمبدعون والمجددون على حد سواء ونعلم أن النفس اما لوامة او أمّارة تبدأ مثل هذه الافرازات بالظهور على السطح جليلة.
وتظل الياسمينة بيضاء ذات شفافية جميلة وإن لقي الفرد الكثير من الأذى في البداية جراء تمسكه بها، فإنها لا تجر معها في الأخير إلا الخير، فكن كما أنت بصفاء نيتك وطهارة جوهرك، وإياك أن تتأثر سلبا بما يصيبك من شر في بادئ الأمر، ففي نهاية المطاف على صفاء نيتك تنل، وترتب لشخصك أجمل الأقدار، وتسخر لك أطيب الأحداث، وتزرع الورد في دروبك، وتصنع الأفراح في أيامك، تبقى ثابتًا ومتألقًا بغض النظر عن التحديات والصعوبات التي تواجهها، تعاملك واستجابتك لهذه التحديات هو ما سوف يصنع الفارق. ولذلك علينا أن نكون قادرين على التعامل مع هذه التحديات من خلال التفكير والعمل بإبداع، فلا يـؤثـر بالياسمين اختـلاف الفصول الأربعة .. ولا يسدل ستـار عطرها مهمـا اختلفت الظروف عليها .
وأقول: ستبقى الياسمينة بيضاء حتى لو خانتها الفصول ..وستبقى معدناً نقياً مهما لوثتها الظنون..! وتبقى ذات عنوان وستبقى تنثر رائحتها في كل مكان مرت بِه .. ويبقـى الياسميـن أبيضاً.. مهمـا خانتـه الفصول.. لا يسدل ستار عطره مهمـا اختلفت الظروف..