لا يكاد يمضي يوم دون سماع حوادث وأخبار تتعلق بالعنف ضد الطالب بعضها لا
تلبث وإذ بها تتلاشى والبعض الاخر يطلق مدويا بالمواطنين والمؤسسات
التربوية والشوارع و البيوت لتبقى شاهد يذكرها جيدا ويرويها كلما تحين له
ذلك .
فأم تحكي عن توبيخ المعلمة لابنتها لمجرد وقوفها إلى جانب نافذة غرفة
الصف في يوم حار طلبا لنسمات هواء تجدد بها ما استنشقته من روائح كريهة
داخل الغرفة الصفية وشقيقة أخرى تروي ضرب المعلم لشقيقها الذي كان يشكو
أثار إنفلونزا شديدة لمشيه ببطئ متوجه إلى غرفة الصف بعد انتهاء الطابور
الصباحي وغير ذلك من الحكايات التي تروي الرعب والعنف ضد الطالب لأسباب
متنوعة كالشغب أو التأخير أو عدم حل الواجب لكن النهاية دائما هي العقوبة
وإن اختلفت طرق تصويرها فإن لم تكن الضرب أو الإيذاء الجسدي فهي حتماً
شتائم وتجريح وإيذاء نفسي أكثر خطورة وأعمق تأثيرا .فكل هذه المشاهد
مأخوذة من مسلسل الرعب التربوي .قد يكون إنتاج مسلسل من هذا النوع ابتكار
في عالم السينما لكنه يكون لا إنسانية وانحطاط وجهل تربوي و تردي في
العملية التربوية في قلب المؤسسات التربوية .
لا بد أن تكون العلاقة بين الطالب ومعلمه علاقة إنسانية أساسها الاحترام
والتقدير والألفة لا المفاهيم والقيم والانظمة النظرية أو العبوس والصراخ
والرعب علاقة تعاونية وأسرية حميمية تشمل المدير والمعلمين ووالطلبة وكل
العاملين في المؤسسة التربوية ليكون المعلم أو المدير قدوة للطالب يكتسب
منها الرحمة والإيجابية والثقة بالنفس وبالآخرين وكذلك الأمان والراحة
والإطمئنان.
ويجد المعلمون لأنفسهم تبريرات تسوغ لانفسهم سلوكاتهم المجحفة بحق
الطلاب مثل تخويف الطلاب بقصد تحقيق الإنضباط بين صفوف الطلبة وكبح جماح
تمردهم وجعلهم عبرة لمن يحاول مخالفة الانظمة فهم إذن يريدون ضبط الطلبة
بأي وسيلة كانت وإن تجاهلوا الأساليب التربوية الإيجابية أو حتى تكاسلوا
في تطبيقها غير مقدرين ما يولده عنفهم ضد الطلبة من سلبية وعدوانية وخوف
وتوتر وشك ناهيك عن تدني تحصيلهم الدراسي وعدم الثقة بالنفس وبالآخرين .
ولا يمكن إنكار جهد المعلم الذي يقضي ساعات متواصلة مليئة بالفوضى
والضجة مع الطلبة بالإضافة إلي جهده في تحضير الدروس وشرحها وعقد
الاختبارات والمراقبة وتصحيح الأوراق وغيرها من المسؤوليات إلى جانب
مسؤوليات الحياة الإجتماعية لكن المعلم المتميز هو المعلم يستطيع السيطرة
على الطلاب وخلق النظام في غرفة الصف دون الإخلال بالبيئة التربوية أو
تسبيب اضطرابات في التركيبة النفسية للطالب من خلال استخدام أساليب
تربوية سليمة بديلة وحوافز إيجابية لخلق بيئة دراسية مستقرة ملؤها
الألفة بين جميع الأطراف ليتسنى للجميع نيل أعلى درجات التحصيل التربوي
والعلمي واذكر هنا قول جلالة الملكة رانيا العبداللة".....لكننا لانستطيع
مسامحة من يؤذي طفلاً......الاحترام يكتسب ولا ينتزع ولا يطبق بحد العصا
ولا بالصراخ ولا بالتهديد...".
شمس المواجدة