زاد الاردن الاخباري -
هل صحيح ان ما يُطلق عليه الحب الاول مجرد وهم نتعلق به في صبانا واثناء مراهقتنا؟ ام ان الامر يتجاوز ذلك الزمن الطفولي والبريء الى مرحلة التكوين والبدايات والحلم؟ ، ولعل الناس في ظل انشغالهم في البحث ومطاردة لقمة العيش ينسون او لا يلتفتون الى الحب الاول باعتباره جزءا من الماضي. هل هو فعلا وهم
أم تخيل ام هروب الى القديم. هل الحب الاول حب حقيقي ام "سذاجة"؟
هل حين يتحدث احدهم عن حبه الاول هل نتهمه بالسذاجة والعودة الى الطفولة ، ام نترفق به ونحلم معه في ظل حياة جافة ولا وقت فيها للمشاعر والرومانسية؟
هذه رحلة في "الحلم" وكما تطلق عليه فيروز "عهد الولدنة": غالبا ما تكون في حياة كل منا قصة حب أولى. البعض ما زال يحمل ذكرياتْ طيبة عنها ، والبعض انتهت قصة حبهم نهاية حزينة لا يريدون تذكرها. البعض أحب عن بعد ، والبعض انغمس فى الحب وعاش أصدق لحظات من المشاعر البريئة. والبعض يرى أن الحب الأخير هو الوحيد الحب الحقيقى على أساس أن المسائل نسبية. وهكذا يقول ياسر (بكاوريوس علوم خريج عام )2003 إن الحب الأخيرهو أصدق حب مهما كان ترتيبه. فالحب الأخير يقضي على أى أثر للحب الأول. ولكن الحب الأول يترك أثرا لا يمكن اعتباره إلا جزءا من الذكريات. وأنا شخصيا كان الحب الأول بالنسبة لى هو الحب البريء . وهو كان حبا صامتا بدون كلام. فقد كان حبا من طرف واحد أو هو ما يمكن أن تسميه إعجابا بشخصية جارتي. وقتها كنت شخصا خبرة لى بالمشاعر ، ولذلك اندفعت فى الحب من طرف واحد إلى حد كبير. ولدرجة أننى لم أجرؤ على مصارحتها بحبى لأنى لم أكن جريئا ، وهى كانت جارتي وخفت من مصارحتها حتى لا أفسد الأمر بين عائلتي وعائلتها. لأنى لم أكن واثقا من ردة فعلها. وقد استمر الوضع - على هذا الحال - حبا من طرف واحد لمدة تصل إلى حوالى 7 سنوات. ولكن الحب الأخير لو كان صادقا فهو يمكن أن يجعلك تنسى الحب الاول.
انطباعات
وتقول هيفاء (موظفة): إن الحب الأول ترك لديها إنطباعات سيئة.وتقول: إن أول حالة حب مرت بها كانت مع شاب من أقاربها. وبدأت علاقتهما منذ أيام الدراسة الثانوية ، وتصارحا بالحب. واستمرت العلاقة حوالى سنتين. وبعدها فوجئت به يتركها بسبب دخوله في علاقة حب مع فتاة أخرى. وقال لها: إنه لم يكن يحبها حقيقة ، ولكنه أوهمها بالحب ، وتقول هيفاء: كنت أشعر أنه لا يحبني ، ولكننى كنت أضحك على نفسي وأوهم نفسي أننى أحبه. وأعتقد أن مشاعري فى تلك اللحظة كانت كأي فتاة شابة فى مجتمع تقليدي. وفى مرحلة التكوين النفسى والعاطفى وكنت بحاجة إلى شاب يقف بجواري.. يحبني ، ويمنحني المشاعر التى تحتاجها البنت فى تلك الفترة من حياتها حتى تشعر أنها فتاة مكتملة الأنوثة ومرغوبة. وفى النهاية اعتقد أن العيب لم يكن فيه لأنني فى الحقيقة أنا الذى كنت أخدع نفسي. ولهذا تركت هذه العلاقة فى ذهني ذكريات سيئة. وبعدها تجاوزت الأزمة و دخلت فى تجربة أخرى. ولكننى فشلت مرة أخرى فيها لأنني لم أستطع أن أحب الشخص الثاني. ولكننى كنت وقتها بحاجة إلى شخص ينقذني من أزمتي العاطفية. ولكن مع مرور الأيام اكتشفت أنه لم يكن حبا من جانبي فتركته. مع أنه كان يحبني.
وهم
وترى عديلة طلال 24 سنة أن فكرة الحب الأول فكرة وهمية ، وأن الشباب يتوهمون هذا الحب. وهي لا ترى أى فرق بين الحب الأول أو الثاني أو الثالث. والناس أصبحت تنسى المشاعر وتعود لتحب من جديد. وأعتقد أن فكرة الحب الأول تسيطر فقط على الشباب فى مرحلة المراهقة. وعندما تمر مرحلة المراهقة يصبح الشاب أو الفتاة أكثر عقلانية. وعندما يخرج الشاب أو الفتاة من هذه المرحلة يتخلصان من هذا الوهم. وبالنسبة لى أنا أعتقد أن هناك خللا فى المفاهيم بمعنى أن أي مشاعر بداخلنا كشباب نفسرها على أنها حب ، دون أن نتاكد من حقيقة مشاعرنا ، أو أن نتأكد من أن الشخص الذى نحبه مناسب لنا فعلا. وهذه هى المشكلة التى تجعل من الحب الأول مسيطرا على مشاعرنا. والعيب فى مجتمعاتنا أن معظم الشباب يفسرون الاعجاب على أنه حب بينما هو فى حقيقة الأمر يمكن ان يكون مجرد إعجاب عابر. وكلما ارتقينا لمرحلة عمرية أخرى يزول هذا الاعجاب. .
ومثلا لدي نماذج واقعية من الحياة. فهناك صديق لى أكبر مني بسنة تقريبا. كنا أصدقاء أثناء فترة الدراسة الجامعية. ولم يكن يمر أسبوع أو أسبوعان إلا ويحكي لي قصة حب حقيقية من وجهة نظره. وبعد فترة تتغير مشاعره ويتعرف على بنت غيرها ، ويحكى لى مأساته ومشاعره. ورغم أنه انسان ناجح فى حياته المهنية إلا أنني أرى أنه غير ناضج فى حياته العاطفية. وهناك قصة مشابهة عن إحدى صديقاتى من أيام الجامعة أيضا.
الحقيقي
أما منور فيقول نعم هناك حب أول. ومن رأيي أن الحب الحقيقي الوحيد الذى يعيشه الإنسان ويستمتع به هو حبه الأول. وأي احساس بعد الحب الأول هو مجرد وهم ، وسعي وراء بقايا ورواسب الحب الأول.ويقول منور أنه مر بتجربة الحب الأول فى أخر سنة من مراحل الدراسة الإعدادية (المتوسطة) ، واستمر معه ذلك الحب طوال سنوات الدراسة الثانوية. وكانت إنسانة رائعة ذات قلب حساس جميل. ويقول: عشت معها فترة المراهقة كلها. أجمل سنوات حياتي.. وأحسست معها لأول مرة بقلبي وهو ينبض ، ومعها عرفت معنى الحياة ومعنى العاطفة. وكان حبنا يتميز بأنه تجاوب بين الطرفين. كل طرف كان يعطي بقدر ما يستطيع. ولكن مأساة الحب الأول أنه غالبا ما ينتهى إلى الفشل ولا تتطور العلاقة إلى زواج رغم أن هذا الحب يكون صادقا من الطرفين. وهذا الحب يؤثر بعد ذلك على الطرفين إذ يعجز كل طرف عن تجاوز هذه المشاعر الجميلة ، ويظل طوال عمره يبحث فى كل إمرأة يقابلها عن مواصفات حبيبته الأولى ، وعندما يجد أى صفة مشتركة بين الانسانة التى يقابلها والحب الأول يندفع نحوها تلقائيا. وعظمة الحب الأول أنه قائم على العاطفة فقط ، وليس قائما على الحسابات العقلية ، وهو بذلك يتغاضى عن المنزلة الاجتماعية والفروق الطبقية والتعليمية ، و ويكون حبا خالصا.
انطباع خاص
ويرى الدكتور سري ناصر (استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية) ان الحب الاول عادة ما يترك انطباعا خاصا عند صاحبه كونه يمثل بداية الاحساس والنمو العاطفي المرتبط بنمو الجسم بشكل عام. ويرى الدكتور ناصر ان الحب الاول قد يأتي متأخرا ويظل يحفظ صفة"الاول". وهنا علينا التعامل معه من منظور مختلف عما كنا نحكم عليه سابقا ، بحسب العمر والظرف الذي يعيشه.
واضاف الدكتور ناصر: ان كثيرا من الاشخاص يعتقدون ان الحب الاول من الصعب نسيانه. وهذا اعتقاد خاطئ. حيث اننا نجد ان الحب يأتي ما دام الانسان يعيش تجارب. ويلتقون اناسا ينجذبون اليهم عاطفيا وهنا تتغير المعادلة. واشار الدكتور ناصر الى ان بعض العلاقات العاطفية الاولى تأتي في سن مبكرة وقد لا يتذكرها الشخص. وتستمر حياته بدونها.
الدستور ـ طلعت شناعة