جاء عطوفة مدير دائرة الموازنة العام إلى وزارة المالية بعد تقاعده من البنك المركزي كمدير للدراسات والبحوث بعقد خاص ، فعمر التقاعد الذي حددته دراسات الحياة في الأردن وفقاً للعمر المتوقع للإنسان الأردني ، أو كما يقال في أغلب مدن العالم الثالث ، وذلك لأن هذه المرحلة العمرية تمثل مرحلة الراحة وترك المجال للشباب الأكثر حيوية ونشاطاً وقدرة على العمل الطويل والإلمام بمتطلبات الحياة العصرية .
ولكن هذا المدير بعد خدمته لعدد من السنوات في مركز الوزارة " زبط حاله " مع أحد الوزراء على غرار الكثير من القيادات والمناصب في الأردن ، دون النظر إلى الإمكانات والقدرات والمؤهلات ، وفي فترة ضياع شهدتها وزارة المالية إبان تلك الفترة ، تم تعيين عطوفته في منصب مدير عام دائرة الموازنة العامة حتى تاريخه وبالتالي فإن عمره الآن يكون قد تجاوز السبعين إن لم يكن قد قام بعمل تقدير سن تفادياً للتقاعد بعد عمر السبعين ، وقد تم تعيين صديق عطوفته الشخصي نائباً للمدير العام متجاوزاً كل الكوادر البشرية والتسلسل الإداري في الدائرة ، وضارباً بعرض الحائط كل قيم العدالة الوظيفية .
والمستغرب أنه عندما يطلب من مسئول تعيين موظف في الفئة الثالثة ، وبهدف التعجيز يطلب أن تكون مؤهلاته وقدراته وكأنه مدير عام ، وهذا يعني أن تعيين الوزير في بلادنا أسهل من تعيين موظف في الفئة الثالثة .
ونذكر هنا أنه عندما وصل حسني مبارك إلى عمره الحالي أصبح الفساد والشللية في أقصى وأبشع صوره في مصر ، وزاد مستوى الفقر والبطالة ، وكانت صفقات البزنس تمر من تحت نظره دون أن يكون قادر على عمل أي شيء ، فالوضع الطبيعي للإنسان في هذه المرحلة العمرية الاهتمام بأنواع العلاجات ومدى فعاليتها في إزالة آثار الشيخوخة ، وكذلك محاولة قضاء أكبر وقت ممكن في المنتجعات الصحية والأماكن السياحية ذات الطبيعية الخلابة ، وليس أن يقوم بعقد اجتماعات مرهقة وطويلة .
للأسف دائرة الموازنة العامة هي الذراع الأخطر للمالية العامة في الأردن ، وهي ترسم الخطة المالية للإنفاق الرأسمالي وتقدمها لوزير المالية دون ، كما أنها تضع السيناريوهات والافتراضات المختلفة للاقتصاد الأردني خلال فترة زمنية عمرها سنة ، وبذلك فهي تعتبر دليل مالي إرشادي للحكومة ولكافة الفعاليات الاقتصادية في الأردن .
اعتقد وزارة المالية بحاجة إلى إعادة هيكلة في كثير من دوائرها الخارجية ، وربما الحاجة الماسة إلى الالتفات إلى دائرة الموازنة العامة جزءً من الإصلاح الاقتصادي في الأردن ، فلعل عجز الموازنة قد ينخفض ، أو لعل السيناريوهات التي يبنى عليها الاقتصاد الأردني في السنة القادمة تكون واقعية ، وتعكس فرضية النمو الاقتصادي المحتمل بما يتناسب مع معدل نمو السكان ، ومن يأتي لاحقاً يدرك أهمية الموازنة كخطوة أولى في عملية التخطيط الاقتصادي .
د.إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahho.com