هذه السطور أمانة أتمنى على القراء الكرام، من على هذا المنبر الكريم، أن يسلموها باليد ليدي العسكر الشريفتين. لكل من نال شرف الخدمة أو الانتساب للقوات الملسحة وأجهزتنا الأمنية، في هذا الحمى الهاشمي الأردني الأمين.
واجب العرفان وأمانة الامتنان للمتقاعدين ليست مناسبة يوم كغيره من أيام السنة، ولا يعد كغيره على روزنامات تعددت عند البعض، لكنها واحدة في عيني أولئك الغر الميامين الذين يصدق فيهم الحديث الشريف: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». رسالة يعرف قدرها حملة شعار الجيش العربي المصطفوي، أردنيين مسيحيين ومسلمين.
أعرف يقينا هذا الإيمان عن قرب في وجوه ناضرة ولحى غانمة لكثير من إخوتي أحبتي رفاق العمر، كجيران في المملكة، وإخوة كراما في المهجر من أهالي القرامي، قرامي البلاد وعظام الرقبة، من أشاوس الجيش والأمن من السلط والفحيص والكرك ومادبا، مادبا يوحنا المعمدان، ومن عجلون، عجلون صلاح الدين ومار الياس، النبي العظيم الذي حطّم أوثان جيزابيل وآلهة آخاب (آهاب) وكهنته وعرّافيه الكذبة..
يعلم كل من شرفني بزيارة في واشنطن من ريحة البلاد العطرة من الأردن الحبيب، أن اللقمة التي تجمعنا إن كانت خارج البيت فلا تكون إلا في مطعم أمريكي شعبي شهير اسمه «مِشِنْ باربِكيو»، كتبت عنه في مقالتين كرستها لملفي محاربة الإرهاب والمحاربين القدامى، وكرسته له -إلى جانب ملفي الإعلام والثقافة الوطنية- صفحات في كتابي «بوح مهاجر على ضفاف نهر الأردن وبوتامك».
المتقاعدون اسما لا يتقاعدون عن الواجب. هم «الأخلص قولا والأصدق عملا» كما في إحدى أعظم خطابات العرش السامي التي افتتح بها البرلمان جلالة الملك عبدالله الثاني، العسكري الذي ما زال يقاتل بكل الأسلحة بلا ساتر ولا سترة واقية رصاص، بصدره الشريف، وبربط عنق أنيقة. من عليِّ، من على أكثر المنابر خطورة وأهمية، ومنها الأمم المتحدة والبيت الأبيض، كما في «الثلاثاء العظيم»، الحادي عشر من فبراير 2025.
يعلم دهاقنة السياسة وكل من أتقن فنون وعلوم المطبخ السياسي ومن بعده الإعلامي، يعلمون أن بعض المهام لا تنضج إلا على نار هادئة، وبعضها الآخر شواء تحت نار تلظّى، وما يجمعها واحد اسمه في بلاد العم سام «بْرِسكِتْ» كذلك الذي يشتهر به المطعم المشار إليه، والذي بدأت سلاسله ردا على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 -ردا على ثقافة الكراهية والموت- واسمه عندنا في مملكة الأنباط والمملكة الأردنية الهاشمية، ليس «برسكت» بل «زَرْبْ»! وصحتين وهنا(ء) للجميع.
جزاكم الله عنا خير الجزاء، النشامى الغيارى الذين ما تقاعدوا أبدا لأنهم ما تقاعسوا يوما، وما زالوا «رهن الإشارة» يلبون النداء كلما سمعوا نداء «هاشم واحد»، ومن ائتمر بأمره بأن «أجِب»..