قلة من ينتظرون نتائج التحقيق في قضية الاختلاس التي وقعت في وزارة الزراعة, وإن كانت هذه الكلمة لطيفة بالنسبة للمضمون..؟ فالأولى أن تكون قضية اللصوصية والحرمنة والخيانة العظمى للوطن.! فمن تسوّل له نفسه سرقة المال العام, يجب أن يفضح على الملأ, وتذكر أسماؤهم من أربعة مقاطع, وعناوينهم.. لكي يلعنهم كل مواطن, فتكون رادعا حقيقيا لهم ولغيرهم... إن كنا صادقين..؟
نعم, قلة من ينتظرون, والقلة هي التي ما زال لديها بعض الأمل برؤية اللصوص الكبار وهم يجرون إلى المحاكم والسجون..وأمام شاشات التلفزة والإعلام لتصبح قضية الساعة, وحديث المجالس, فما الفرق بينهم وبين الإرهابيين الذين يشكلون الخلايا النائمة أو النشطة, لعمل تفجير هنا واغتيال هناك لخلخلة أمن البلد... نريد أن نرى هذا المشهد ولو مرة في العمر...محاسبة الكبار حتى النهاية...؟! فلعلهم يتكلمون عن خيوط الجريمة التي ارتكبت بحق الوطن والمواطن, فيُفضح الآخرون, وتبدأ سلسلة الحلقات التي لا تنتهي.. فكل حلقة تقود إلى أخرى ( كفرط المسبحة ).
وأقول قلة لأن الأكثرية من المواطنين قد يأست من مشاهدة هذا الحدث ولو مرة واحدة في العمر, أو سمعت به, فلسان حالهم يقول: \" راح تروح.. زيها زي غيرها..كله كلام وحكي فاضي..؟! \" وبصراحة ورغم أني من القلة التي ما زالت تأمل, إلا أني لا ألومهم على هذا التشاؤم والإحباط المفرط الذي يعيشون؛ فقد عاشوا قصص مماثلة في الماضي مع قضايا اكبر منها, أو مماثلة فصدموا بسرعة إغلاقها, فعندما يبدأ المتهم الكبير بأول عبارة يحكيها هو وأمثاله في القضايا المماثلة: \" مش بس أنا ... بدي أحكي كمان... وأفتح كل الملفات ؟! \" عندها وفجأة... وفي لحظات تموت القضية, ليكتشف المواطن بين ليلة وضحاها إغلاق الملف كاملا لتقيد القضية ضد المواطن في مزيد من الضرائب والرسوم, لتعويض الخسارة من الخزينة والجيوب..؟
ورغم إحباط الأكثرية فما زلت أملك بصيصا من الأمل, برؤية المشهد, ومتابعة أخبار التحقيق, ثم المحاكمة, وإفادة المتهمين, فمن المؤكد أن في الموضوع مفاجآت ومن العيار الثقيل, فعنصر التشويق سيبقى إلى النهاية, لتدخل أسماء جديدة من أصحاب المناصب الكبيرة..؟ ولتبدأ مرحلة التعقيد, فتزداد الضغوط...وتختلط الأمور.. - كما في القصة – والكل ينتظر بشغف الحل والخاتمة, والنهاية السعيدة, وهو المأمول عند القلة.
لكن يبقى السؤال الذي ملّت من طرحه الأكثرية المحبَطة..! هل ستبقى هذه القصص بلا نهاية واضحة؛ ليترك الكاتب والمخرج المواطنين دائما في نهاية المشهد يضربون أخماسا بأسداس؛ فلا يجدون الإجابة الواضحة عمن يسرق المال العام, ولا يحاسب أحدا فتغلق القضية وتقيد ضد مجهول...وينعم اللصوص بما سرقوا ليسعوا إلى ذلك مرة أخرى, فيشجعون غيرهم ليحذوا حذوهم...فالمال ( العام ) بعلم السرقة .
rawwad2010@yahoo.com