مع كل منعطف حاسم تمر به سوريا، تتكشّف خيوط لعبة كبرى تهدف إلى تقويض انتصار الشعب السوري وتحويل حلمه بالحرية والكرامة إلى كابوس دامٍ ، في ظل الأحداث المتسارعة، تتكشف نوايا إقليمية ودولية لإعادة البلاد إلى مربع القمع والدمار، في محاولة يائسة لطمس ملامح سوريا الجديدة قبل أن تتمكن من الوقوف بثبات ، فما يجري في مدن وقرى الساحل السوري اليوم ليس مجرد فوضى عشوائية، بل تنفيذ دقيق لخطة تهدف إلى إشعال نيران الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، ودفعه إلى حرب داخلية تستنزف قواه وتمنعه من استكمال مشروعه الوطني ، وإن السرديات المتضاربة التي تملأ منصات التواصل الاجتماعي تخفي خلفها حقيقة واحدة ، وهي : أن سوريا كلها مستهدفة، وأداة التنفيذ هي إذكاء الأحقاد الطائفية والعرقية ، القتلة لا يبالون بهوية ضحاياهم، سواء كانوا سنة، علويين، دروزاً، أو أكراداً، فالمهم هو زرع بذور الشقاق والانتقام، حتى تغرق البلاد في التشظي والتناحر ، والسؤال هنا : لماذا يحدث كل هذا الآن؟! ولماذا تُبذل كل هذه الجهود لمنع سوريا من النهوض؟ ! والجواب يكمن في موقعها الجغرافي والسياسي، فهي تقع على مرمى حجر من إسرائيل، وهذا وحده كان ولا يزال سبباً رئيسياً للتواطؤ الدولي ضد تطلعات شعبها للتحرر من الاستبداد ، والنظام السابق حافظ على حدود هادئة مع الاحتلال الإسرائيلي لعقود، وأي تغيير في المعادلة السياسية قد يهدد هذه "الهدنة غير المعلنة" ، ولهذا، فإن القوى الإقليمية والدولية التي استفادت من بقاء النظام السابق تحاول الآن بأي وسيلة منع ولادة سوريا الجديدة ، بالتالي لا يمكن فصل ما يحدث في سوريا اليوم عن الانقلابات المضادة التي شهدتها بقية دول الربيع العربي ، نفس السيناريو يتكرر، بأدوات وأسماء مختلفة، لكن الهدف واحد ، قتل الأمل، وإعادة الشعوب إلى قبضة الاستبداد، وتحويل الانتصارات إلى حروب أهلية مدمرة ، لهذا فإن الوعي بالمخاطر المحدقة بسوريا اليوم ليس مجرد خيار، بل ضرورة وجودية ، فكل خطوة غير محسوبة قد تعني الوقوع في فخاخ معدّة سلفاً، هدفها إغراق البلاد في مستنقع لا خروج منه ، لذلك لا بد من أن يكون الرد على هذه المخططات بحذر بالغ، وبحكمة تتجاوز ردود الفعل العاطفية، لضمان ألا يقع الشعب السوري في الفخ الذي نُصب له بعناية ، وسوريا تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، وأمامها خياران: إما أن تقع في دوامة الفوضى التي يراد لها أن تبتلعها، أو أن تستعيد زمام المبادرة وتبني مستقبلاً قائماً على المصالحة والوحدة الوطنية، بعيداً عن كل محاولات التفتيت والتشرذم ، و القرار بيد السوريين وحدهم، وعليهم أن يدركوا أن مستقبلهم لا ينبغي أن يُرسم بأيدٍ خارجية، بل بوعيهم وإرادتهم الصلبة في مواجهة المخططات التي تحاك ضدهم من قوى إقليمية لطالما قتلت وشردت ملايين السوريين ، وما زالت ... !! خادم الإنسانية.
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .