مجموعة من الشبان المصريين ، أنشأت صفحة على موقع "الفايسبوك" تحت عنوان: "فلسطين عدونا.. فلنعاملها كما نعامل إسرائيل" ، ولقد علمت بخبر الصفحة والمجموعة وأنا أتصفّح بالأمس ، صحيفة "السفير" اللبنانية ، والتي أضافت بأن هذه الصفحة استقطبت سريعا عددا من الأعضاء قارب الألف عضو ، فما كان مني إلا أن هرعت للموقع أتصفحه للتعرف عمّا فيه ، إذ لا يعقل أن تنجح "العداوة" لشعب فلسطين ، في استقطاب جمهور مصري عريض ، وبهذه السرعة ، برغم كل ما قيل وكتب ونشر ضد الشعب الفلسطيني في بعض صحف مصر "القومية" وعلى شاشات بعض فضائيتها ، رغم حملات "الردح" و"التحريض" التي بلغت حد الإسفاف والتفاهة.
تبين لي أننا أمام موقع ساخر بامتياز ، صحيح أن سخريته موشحة بالسواد القاتم ، إلا أنه يترك بسمة على الشفاه ، ومن على قاعدة "شر البلية ما يضحك" ، وقد قدّم الموقع لنفسه بما يلي: "بعد الاطلاع على بيانات حكومتنا الرشيدة وقراءة مقالات رؤساء تحرير الصحف القومية عن شرور فلسطين وخطورتها على الأمن القومي المصري. وبعد الجريمة النكراء على الحدود من قبل أشرار فلسطين ضد جنودنا البواسل الشجعان ثبت لرشدي وعلمت أن نظامنا المصري على حق. فلسطين عدو وليست حليفا أو صديقا. آن الأوان لأن نعامل فلسطين كما نعامل أعداءنا الصهاينة".
لا يكتفي الموقع بعرض "الأسباب الموجبة" لاستعداء فلسطين ووضعها على قدم المساواة مع إسرائيل ، بل ويعرض لجملة من الأفكار والمقترحات التي يتعين على حكومة مصر أن تقدم على تنفيذها ، ومنها على سبيل المثال: فلنهدي لهم الغاز مجانا أو بدراهم معدودة.. كما نفعل مع الصهاينة.
وللنقل لهم الاسمنت وحديد التسليح بأسعار مخفضة.. كما نفعل مع الصهاينة.
ولنحترمهم ونوقرهم.. حتى لو شتمونا أو قتلوا بعض جنودنا على الحدود بطريق الخطأ أو الصواب.. كما نفعل مع الصهاينة.
وليدخلوا أرضنا بلا جوازات سفر.. كما نفعل مع الصهاينة.
ولنستورد منهم ونصدر لهم.. كما نفعل مع الصهاينة.
ولنستقبل وزراءهم ورؤساءهم بحفاوة واحتفالات رسمية.. كما نفعل مع الصهاينة.
نعم يا شعب فلسطين.. آن الأوان أن تذوق نار عداوتنا بعد برد محبتنا.
المفاجأة التي تكشف عنها الموقع ، هي بلوغ عدد أعضائه المسجلين أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عضو ، أي بزيادة 250 بالمائة في غضون أقل من 24 ساعة فقط ، ما يعني أن دائرة الناقمين على والساخرين من السياسة المصرية حيال غزة وفلسطين ، في اتساع مطّرد.
وقبل أن أنهي كتابة هذه العجالة ، كان 31 عضوا جديدا قد انضموا للموقع ، والحبل على الجرار كما يقال ، ولنا أن نتخيل ماهية النتائج التي سيفضي إليها استفتاء نزيه على السياسة الفلسطينية للقاهرة في هذه الأيام ، ولا أريد أن أذهب أبعد من ذلك في الخيال ، لأتكهن بنتائج انتخابات حرة ونزيهة.
مصر ليست في مكانها ولا في موقعها ، وأقل وصف يمكن إطلاقه على الوضع الداخلي فيها بأنه "غير طبيعي" ، ومن تساوره الشكوك في ذلك ، فليراقب الحراك المصاحب لعودة البرادعي إلى وطنه ، والآمال والحوارات التي أثارها.