كتب : الدكتور احمد الوكيل - الانتماء للوطن شعورٌ متجذّر في النفس، ينشأ منذ اللحظة الأولى التي يبدأ فيها الإنسان باستيعاب مفهوم الهوية والانتماء. فالوطن ليس مجرد رقعة جغرافية أو حدودٍ مرسومةٍ على الخرائط، بل هو البيت الكبير الذي يحتضن أبناءه، يمدّهم بالأمان والكرامة، ويكون جزءًا من هويتهم التي تميّزهم بين الأمم. وفي الأردن، حيث التاريخ العريق والتلاحم الوطني الراسخ، يشكّل الانتماء قيمة عليا تُترجم إلى حبٍّ وتضحية، لكنها قد تتعرّض في بعض الأحيان لسوء الفهم، فنجد أنفسنا أمام ظاهرة "متلازمة الوطن" و"عمى الانتماء"، وهي إشكاليات تحتاج إلى تأمل ونقاش عميق.
متلازمة الوطن وعمى الانتماء
"متلازمة الوطن" يمكن وصفها بأنها تلك الحالة التي يصبح فيها حب الوطن عاطفيًا جدًا، يفتقر إلى البعد النقدي، مما قد يؤدي إلى تجاهل المشكلات التي تحتاج إلى إصلاح. أما "عمى الانتماء"، فهو حالة من التطرف في الفخر الوطني لدرجة رفض أي رأي أو نقد يُمكن أن يساعد في تحسين الوطن وتطويره. فالوطن الحقيقي هو ذلك الذي يستطيع أبناؤه رؤيته بعينين اثنتين، عين الحب والولاء، وعين النقد البناء الذي يسهم في نهضته وتقدمه.
في الأردن، نحظى بقيادة هاشمية حكيمة كرّست مفاهيم العدل، والوسطية، والانفتاح على العالم، وفي الوقت ذاته تحافظ على الثوابت الوطنية والقومية. ومع ذلك، فإن حب الأردن لا يكون فقط برفع الشعارات، بل بالعمل الجاد لتعزيز قوته واستقراره وتقدمه.
يوم العلم الأردني: رمز الفخر والانتماء
يُعد يوم العلم الأردني مناسبة وطنية تُجسّد مشاعر الانتماء العميق للوطن والقيادة، حيث يرفرف العلم الأردني عاليًا شامخًا، ليذكّرنا بتاريخ هذا الوطن وإنجازاته. العلم الأردني ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز الهوية والسيادة، ورفعُه يُعبّر عن وحدة الشعب الأردني واعتزازه بتاريخه ومستقبله.
في يوم العلم، يتجلّى الفخر في كل بيت وشارع ومدرسة، حيث يرفع الأردنيون علمهم بكل فخر، مؤكدين التزامهم بوطنهم وحبهم له. لكن هذا الفخر يجب أن يمتدّ ليشمل السلوك اليومي، من احترام القوانين، والمساهمة في بناء الوطن، إلى الحرص على نشر قيم التسامح والعمل الجماعي.
كيف نعزّز الانتماء الحقيقي للأردن؟
الانتماء للوطن لا يكون بالمظاهر وحدها، بل بالمواقف والأفعال التي تعكس حبنا الحقيقي للأردن، ومن بين الوسائل لتعزيز هذا الانتماء:
الوعي الوطني: يجب على كل فرد أن يدرك تاريخه الوطني ويفهم التحديات التي واجهها الأردن ليصل إلى ما هو عليه اليوم. قراءة التاريخ الأردني والاطلاع على إنجازات القيادة الهاشمية تعزز الفخر والوعي بالمسؤولية.
المشاركة الفاعلة في المجتمع: الانتماء الحقيقي يتجسّد في العمل التطوعي، والمشاركة في بناء المجتمع، والحرص على التنمية المستدامة. الأردن بحاجة إلى شبابه وشاباته ليكونوا شركاء في نهضته.
تعزيز الهوية الوطنية في الإعلام والتعليم: الإعلام يلعب دورًا محوريًا في ترسيخ القيم الوطنية، لذا يجب أن يكون أداة لنشر الوعي والانتماء، وليس للجدل العقيم. كما يجب أن تركز المناهج الدراسية على تاريخ الأردن وإنجازاته، لتعزيز فخر الأجيال القادمة بوطنهم.
محاربة السلبية وتعزيز الخطاب الإيجابي: من الضروري مواجهة الخطاب السلبي الذي يركز فقط على التحديات دون تقديم حلول، واستبداله بخطاب بناء يشجع على التفكير الإيجابي والعمل الجاد لمصلحة الوطن.
رفع العلم بروح الانتماء وليس فقط بالمظاهر: رفع العلم الأردني يجب أن يكون رمزًا لالتزامنا بتطوير بلدنا، وليس مجرد حدث احتفالي. يجب أن نترجم هذا الفخر إلى أفعال تسهم في رفعة الوطن وتقدمه.
الأردن وطن نفخر به.. قيادةً وشعبًا
الأردن ليس مجرد وطن نعيش فيه، بل هو كيان يعيش فينا. بقيادته الحكيمة، وشعبه الصامد، وتاريخه المشرق، يستحق منا كل فخر واعتزاز. رفع العلم الأردني ليس مجرد فعلٍ رمزي، بل هو رسالة تُعبّر عن التزامنا بحماية هذا الوطن، والعمل لأجله، والدفاع عنه.
فلنكن جميعًا سفراء للأردن، نحمله في قلوبنا، ونترجم انتماءنا إلى أعمالٍ تسهم في رفعته، ولنظل دائمًا فخورين بوطننا وقيادتنا، فالأردن كان وسيظل منارةً للحرية، والعزة، والتقدم.