العيد يطرق الباب.. من رائحة الكعك والمعمول… تبدأ حكاية العيد... لكنه مختلف هذا العام.. يأتي العيد في هذا العام محملًا بفقد جديد بمزيد من الأوجاع والأحزان..
رحلوا .. هل نسيناهم ؟!!
يعيدني العيدُ دائمًا إلى تلك الأيام الجميلة التي قضيتها مع من فقدت، والتي ذهبت إلى غير رجعة، تاركةً جراح مؤلمة على جسد الذاكرة تنزفُ ألمًا وحزنًا ووحشةً.. كلّ ألم يُمكن أن يتجاوزه الإنسان في أيّام العيد إلا فقد الأحبة، فإنَّ العيد يزيد من مشاعر الحزن والألم في القلب، ونستشعر مدى الوجع الذي نعيشه من دونهم. كلما جاء العيدُ خرجتُ أبحث عنهم في الأماكن التي جمعتنا، ولكنني كنت أتذكر وقتها أنني منذ فقدتهم لم أجد لهم أثرًا.
تكبيرات العيد بصوت أبي ما زالت عالقة في أذني.. أسمعها.. تجعلني أشعر بالفرح بقدر الشعور بالالم، الفُقد لازال والاشتياق مستمر، ابتسامتكم الحنونة الغير منسية ، ملامحكم التي لازالت خالدة في كل ما تراه عيني، نحن لا ننسى مرارة الفقد أبدًا، ولكن انا أغمض عيني قليلاً لكيْ استطيع أن اعيش بغيابكم جناح حلم قد بتر لم يعد يقوى على التحليق.
أبي.. أمي.. أخي.. كلّما كبّر المكبرون يرحبّون بالعيد، أرسلت لكم دعواتي وصلواتي أنْ تكونوا بحالٍ أفضل عند المولى، فلا يمسّكم سوءٌ بعد اليوم أبدًا.
لا اكتب عن الفقد كي يحزن الناس وانمــا ليزيل عني قليل مــن حــزني ويعلم كل من بقي معه أبويه انهم أعــظم النعم، ومهما كانت الظروف يبقى العيد فرحًا وسعادة ومظهرٌ من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة، والنفوس مجبولة على حب الأعياد والسرور بها، وقد جاءت سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمشروعية عيدي الفطر والأضحى، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: ( قَدِم النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما: يومَ الفطر والأضحى ) رواه أبو داود .
أستودع الله هذه الأيامِ المباركة، أرواحاً فارقتنا، ولم نتجاوز هذا الفراق، ليس سهلاً تذكّر ما كان، اللهم امنح قلوبنا الصّبر وارحم موتانا وأكرم منازلهم.