التحالف الأمريكي-الكويتي بين المصالح والمطالبات المالية .

أثارت تصريحات وزير التجارة الأمريكي الأخيرة جدلًا واسعًا، بعد أن أشار إلى دور الولايات المتحدة في تحرير الكويت عام 1991، وربط ذلك بمبلغ 100 مليار دولار، في سياق انتقاده للرسوم الجمركية التي تفرضها الكويت على المنتجات الأمريكية ، هذه التصريحات فتحت الباب أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقة بين البلدين: هل هي تحالف استراتيجي متين أم علاقة محكومة بالمصالح الاقتصادية المباشرة؟! وجدير بالذكر انه
في عام 1990، تعرضت الكويت لغزو عراقي استمر سبعة أشهر، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة بقيادة تحالف دولي ضمن عملية "عاصفة الصحراء" لتحريرها في 1991 ، لكن رغم الدور الأمريكي المحوري في الحرب، فإن دول الخليج، وعلى رأسها الكويت، ساهمت بمبالغ طائلة في تمويل العمليات العسكرية وإعادة الإعمار، مما يجعل الادعاء بوجود "دين مستحق" أمرًا محل جدل ، في حين أن
حديث الوزير الأمريكي حول الرسوم الجمركية المرتفعة التي تفرضها الكويت على السلع الأمريكية يُعيد طرح تساؤلات حول مدى ارتباط التحالفات الدولية بالمصالح الاقتصادية ، فهل يُمكن استخدام الحرب التي انتهت قبل أكثر من ثلاثة عقود كأداة ضغط اقتصادي اليوم؟!! وكيف يؤثر ذلك على مفهوم الشراكات الاستراتيجية؟!! وفي الكويت، قوبلت التصريحات الأمريكية باستياء واسع، حيث اعتُبرت محاولة لإعادة صياغة التاريخ بطريقة تجعل الكويت "مدينًا" لواشنطن، رغم أن العلاقة بين البلدين قائمة على المصالح المتبادلة وليس المعادلات المالية. كما أن الكويت، كدولة ذات سيادة، تعتمد سياسات اقتصادية قائمة على أولوياتها الوطنية، تمامًا كما تفعل الولايات المتحدة التي لا تتردد في فرض رسوم على حلفائها متى اقتضت مصالحها ذلك ، بالتالي فإن ما قاله الوزير الأمريكي يعكس نهجًا براغماتيًا في السياسة الدولية، حيث تُوضع المصالح الاقتصادية فوق اعتبارات التاريخ والتحالفات التقليدية ، ومع ذلك، فإن الكويت ليست تابعًا للسياسات الأمريكية، بل هي دولة مستقلة تتخذ قراراتها وفقًا لمصالحها، وأي محاولة لفرض شروط مالية على علاقتها بواشنطن قد تدفعها لإعادة تقييم هذه العلاقة وفق أسس أكثر توازنًا ، ويبقى السؤال الجوهري: هل يمكن للتحالفات الاستراتيجية أن تصمد أمام منطق "الدفع مقابل الدعم"، أم أن العلاقات الدولية باتت تُدار وفق عقلية الصفقات التجارية؟! ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .

---