ما كان إستحقاق وسائل الاعلام المختلفة إطلاق لقب السلطة الرابعة عليها ، الا تقديرا للدور الذي تلعبه وسائل الاعلام في سلوكيات المجتمعات الانسانية وتوجيه نشاطاتها اليومية بشكل أقوى من أية وسيلة إخرى ، فإن تميزت وسائل الاعلام المختلفة بقوة تأثيرها على السلوك الانساني ، فإن هذا التأثير إختلف في قوته من دولة الى إخرى .
فالعالم اليوم مع تطوره النوعي والعلمي والتقني والمعلوماتي لوسائل الاعلام ، جعل من الحدود الجغرافية للدول مجرد حدود شكلية ورسومات على خرائط بخطوط وهمية ، لاتمثل فيه جغرافية الدولة ولاغناها بالعنصر البشري أو الثروات الطبيعية قوة تلك الدولة ، فعالم اليوم يُقيم قوة الدولة بقوة إعلامها لا بقوة أسلحتها ، وحجم الدولة وإنتشار مساحتها بحجم إعلامها ومساحات الحرية لأقلام صحفييها وإدبائها لا بمساحة أراضيها .
دولة قطر كبيرة بحجم قناة الجزيرة بالرغم من صغرها الشديد مساحة وسكانا ، والسعودية حجمها بحجم قناة العربية الاخبارية فهي أصغر من قطر بالرغم من أنها اكبر مساحة وأكثر سكاناً وأغنى ثروة ، فالجزيرة بمساحة الحرية والتعبير التي منحتها لها دولة قطر جعلت الاخيرة دولة في مصاف الدول الكبرى ، تخشى غضبها الدول الاخرى خاصة الدول العربية ، فقادت قطر عبر الجزيرة الرأي العام العربي ووجهته كيفما تشاء بإسلوب عجزت عن فعله أقوى الجيوش وأعتى الأسلحة .
أما في الاردن فلسنا على خريطة العالم ، لأن اعلامنا مغلول ومقهور ، تريده الدولة أن يكون من أصحاب القبور ، فالعالم تغير والاردن تغير ، وشعبنا بعد صمت تسعون عاما تكلم ، إلا إعلامنا الرسمي لازال يعيش زمان قصة شهريار وشهرزاد وحب قيس لعبلة ، وشاشتنا الرسمية عندما أرادت أن تتكلم وتواكب العصر تكلمت بمسسلسل كوري بلسان عربي ركيك .
نريد في الاردن إعلاماً حراً يُعبر عن أراء الشعب ورغبته في الاصلاح ، لا نريده صوتا لا يسمعه أحد غير النظام والحكومة ، أعندما أراد الاردنييون أن يضعوا وطنهم على خريطة العالم من خلال إنتشار الصحافة الالكترونية التي أصبحت زاداً لايستغني عنه الاردنيون لأستسقاء المعلومة والحقيقة ، أراد النظام والدولة والحكومة ومجلس النواب وقوى الفساد والمفسدون أن يجهضوا محاولات الصحافة الالكترونية وضع الاردن على خريطة الحرية والديمقراطية .
لا أطلب من التلفزيون الاردني الرسمي أن يكون بحجم قناة الجزيرة ، ولكن على الاقل أن يكون بحجم قناة جوسات الحديثة النشأة ، التي جعلها برنامج مثل برنامج " كلام في الصميم " محطة أكبر من تلفازنا الرسمي ، ومقدمتة المبدعة الدكتورة رولى الحروب أصبحت أكثر تأثيرا على سلوك المجتمع الاردني من الحكومة ومن المرحوم ناطقها الرسمي .
نعم الدولة بحجم إعلامها ، وأتمنى من الحكومة ومجلس النواب أن يتركوا لوسائل الاعلام الاردنية أن تصنع من الاردن دولة كبيرة ، ولا نتخذ من أخطاء صغيرة ومحدودة حجة لتقيد حرية الرأي والتعبير ، فمشكلة النظام والحكومة مع الشعب ومطالبه لامع وسائل الاعلام وما تقول وما تكتب ، ومشكلة مجلس النواب بمشروعيتة ومصداقيتة ورغبة الشعب بحله كخطوة من خطوات الاصلاح ، لامع وسائل الاعلام التي تنقل تلك المطالب . الشعب يريد أن يبقى الاردن كبيراً ويبقى إعلامه كبيراً أيضا.