زاد الاردن الاخباري -
كتب : الدكتور احمد الوكيل - في لحظة مفصلية تمر بها الأمة، يُثبت الأردن مرة تلو الأخرى أنه وطنٌ لا يُساوَم، وقيادة لا تُكسر، ومؤسساتٌ أقوى من كل العواصف التي تحيط بالمنطقة. فبينما تتقاذف بعض الدول مصيرها بين فوضى الداخل وضغوط الخارج، يظل الأردن الرقم الصعب الذي لا يُمكن تجاوزه، لا بسياسات الترهيب ولا بإغراءات المال.
لكن المؤلم أكثر من التحديات الخارجية، هو أن يخرج من بيننا من اختار الارتهان، والاستقواء، والاصطفاف في معسكر الإساءة. من اختار الاصطفاف خلف أجندات مشبوهة، ومنظومات إعلامية مأجورة، وسفارات توزع "الدولارات العفنة" باسم الحرية، بينما هي تسعى لهدم أسس الدولة والنيل من هيبتها ومؤسساتها.
الأردن.. موقف لا يُشترى ولا يُساوَم
منذ بدء العدوان الغاشم على غزة، كان الأردن في خندق الموقف الأخلاقي والوطني والإنساني، لم ينتظر إملاءات، ولم يُجارِ شعارات. بل تقدّم الصفوف بفعلٍ لا بشعارات، عبر إرسال المستشفيات الميدانية، ونقل المصابين، وإغاثة الجرحى، واحتضان الجرح الفلسطيني في كل بقعة من أراضيه.
ولم يقتصر دور الأردن على الدعم الميداني، بل حمل جلالة الملك عبدالله الثاني القضية على كتفيه في كل محفل دولي، مجاهرًا بوجوب وقف العدوان، ومحذّرًا من تقويض الاستقرار الإقليمي. وكان سمو ولي العهد، الأمير الحسين، في عمق الجهد الوطني والإنساني، حاضرًا في مواقع الفعل، ميدانيًا وشعبيًا، ليُجسد صورة القيادة القريبة من الناس.
ورغم ذلك.. خرجت أصوات الخيانة
ورغم هذا الموقف المشرّف، خرجت بعض الأصوات النشاز، المأجورة، التي اتخذت من الشعارات عباءة للخيانة. هؤلاء لم تكن فلسطين يوماً بوصلتهم، بل كانوا يبحثون عن لحظة اختراق للبيت الأردني، مستغلين مناخ الحريات، ليمارسوا أسوأ أشكال التحريض والاستقواء.
هؤلاء لا يمثلوننا، ولا يمثلون فلسطين، ولا يمثلون حتى أنفسهم.
إن من يهاجم الجيش العربي – جيش الكرامة، ويحاول النيل من الأجهزة الأمنية التي سهرت وتحملت، ومن القيادة التي لم تتوانَ عن أي موقف وطني، لا يمكن اعتباره معارضًا، بل مشروع تخريب مفضوح، يُدار من غرفٍ مغلقة، وتنقله أذرع مشبوهة، لا تنتمي لفكرة الوطن أصلاً.
نقول لهؤلاء: اخجلوا على أنفسكم
نقول لكل من يتلقى أوامره من الخارج، ومن اختار أن يكون أداة في يد مشروعٍ قذر لا يريد لهذا الوطن خيرًا: اخجلوا.
هذا الوطن احتضنكم، قدّم لكم فرصًا ومساحات من التعبير لم تعرفوها في أي مكان آخر.
فحرية الرأي في الأردن ليست سيفًا يُشهر في وجه الدولة، ولا منصة للتنمر السياسي، ولا تذكرة للعبث بأمن الناس.
من يستقوي بالخارج، ويتلقى التعليمات من جهات معروفة بعدائها للأردن، ليس إلا خائنًا، يتاجر بمستقبل شعبه، ولا يرى في الوطن إلا سُلّمًا لطموحات شخصية قذرة. هؤلاء ليسوا معارضين، بل مرتزقة بثمن بخس، ومن ورائهم تقف سفارات ومنصات لا تفهم إلا لغة التخريب.
الانتماء للوطن.. أقل العطاء
الانتماء للوطن لا يُقاس بالشعارات، ولا بالمزاودات، بل بالفعل. الانتماء الحقيقي هو أقل أنواع العطاء والعرفان، وهو ما يجب أن يترجمه كل أردني في مواقفه، وكلماته، وانحيازه لثوابت الدولة.
أما من يلهث وراء تمويل مشبوه، أو شهرة زائفة، أو غايات مريضة، فليعلم أن الأردن لا يُرهَب، ولا يُبتز، ولن يسمح بأن يُساوَم على كرامته.
الدولة الأردنية لم ولن تسكت
لقد آن الأوان للضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوّل له نفسه أن يعبث بأمن الوطن، أو أن يُشكك في مؤسساته. فالأردنيون اليوم أكثر وعيًا، وأكثر تماسكًا، ولن يسمحوا لحناجر الفتنة أن تخترق نسيجهم الوطني.
إن كل من أساء للجيش، أو الأجهزة الأمنية، أو القيادة الهاشمية، قد وضع نفسه خارج الإجماع الوطني، ولا مكان له بيننا.
وهذا ليس تهديدًا، بل موقف شعبي ودستوري ورسمي، في وجه كل من باع ضميره وتحول إلى بوقٍ مأجور.
في الختام..
سيبقى الأردن، رغم كل المحاولات، عصيًا على الاختراق، منيعًا بوحدته، قويًا بمؤسساته، شامخًا بقيادته.
وسيبقى الملك عبدالله الثاني وولي عهده سمو الأمير الحسين، رمزين لوطنٍ لا ينكسر، وجسرًا يعبر به الأردنيون نحو مستقبل أكثر أمانًا وكرامة.
وإلى أولئك الذين راهنوا على كسر الأردن:
سقط رهانكم، وخسئتم أنتم ومن خلفكم.
فالوطن الذي باركتم استهدافه، سيظل يعلو فوقكم وفوق مشاريعكم،
بجيشه، وقيادته، وشعبه الذي لا يعرف الانحناء.