تُثار بين الحين والآخر مزاعم وتحليلات حول وجود تحالف بين قوى شيعية وإسرائيل، وهو موضوع معقد يخضع لاعتبارات سياسية ودعائية متباينة ، في ظل المشهد الجيوسياسي المضطرب في الشرق الأوسط، تتغير التحالفات وفقاً للمصالح الاستراتيجية، مما يجعل من الصعب وضع تصنيفات نهائية أو قاطعة حول طبيعة العلاقات بين مختلف الفاعلين ، لكن، هل هناك فعلاً تحالف شيعي-إسرائيلي، أم أن هذه مجرد روايات تُستخدم لخدمة أجندات معينة؟!
حقيقة لم تكن العلاقات بين القوى الشيعية وإسرائيل على مدى العقود الماضية واضحة أو موحدة، بل اتسمت بتناقضات شديدة ، فمنذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، رفعت طهران شعار العداء لإسرائيل ودعمت تنظيمات مسلحة مناهضة لها مثل حزب الله في لبنان ، غير أن البعض يرى أن الخطاب الإعلامي شيء والواقع السياسي شيء آخر، مستدلين ببعض المحطات التاريخية، مثل علاقة إيران بإسرائيل خلال حكم الشاه، أو بعض المصالح المشتركة غير المعلنة التي قد تجمع أطرافاً متناقضة في بعض الظروف ، و
على الرغم من الخطاب العدائي العلني، هناك من يشير إلى أن بعض القوى الشيعية وإسرائيل تتقاطع مصالحهما بشكل غير مباشر في قضايا محددة ، فمثلاً، ويرى البعض أن الولايات المتحدة لعبت دوراً في إدارة توازن القوى بين الطرفين، عبر استخدام الورقة الشيعية أحياناً لمواجهة النفوذ السني التقليدي في المنطقة، وهو ما قد يفسر بقاء أنظمة محسوبة على الخط الشيعي في السلطة رغم الضغوط الإقليمية والدولية ،كما أن بعض القوى الشيعية في المنطقة دخلت في صراع مباشر مع تنظيمات سنية متشددة، وهو ما استفادت منه إسرائيل بشكل غير مباشر، حيث انشغلت هذه الأطراف في مواجهات داخلية بدل التفرغ لمواجهة تل أبيب ، و
في المقابل، لا يمكن تجاهل أن بعض القوى الإقليمية تستخدم "التحالف الشيعي الإسرائيلي" كأداة دعائية لتأليب الرأي العام، سواء في سياق الصراع السني-الشيعي أو لتبرير تحركات سياسية معينة ، فمن مصلحة بعض الجهات تضخيم هذه المزاعم، خاصة عندما يتعلق الأمر بإيران أو حلفائها في المنطقة، وذلك بغرض استقطاب التأييد الشعبي أو تشويه الخصوم السياسيين ، ومع ذلك يبقى السؤال :
هل هناك تحالف حقيقي؟! سيما وأن التحالفات في السياسة ليست مسألة ثابتة، بل تخضع للحسابات والظروف المتغيرة ، في حين أنه لا يوجد دليل قاطع على وجود تحالف رسمي بين القوى الشيعية وإسرائيل، ولكن يمكن القول إن هناك نقاط التقاء غير مباشرة تفرضها المصالح الجيوسياسية ، ومع ذلك، فإن الخطاب الإعلامي حول هذا الموضوع يخضع لاعتبارات سياسية وأيديولوجية قد تبتعد أحياناً عن الحقائق الموضوعية ، وأخيراً وليس بأخر فإن
الحديث عن "تحالف شيعي إسرائيلي" يظل في كثير من الأحيان جزءاً من الصراعات الدعائية أكثر مما هو واقع ملموس ، وبينما توجد تقاطعات غير مباشرة في بعض الملفات، فإن التناقضات الأيديولوجية والسياسية بين الطرفين تجعل من الصعب تصور تحالف واضح المعالم ، لذا، فإن التعامل مع هذا الملف يحتاج إلى رؤية تحليلية دقيقة بعيداً عن التوظيف السياسي أو الدعاية الإعلامية ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .