معادلة مغلوطة نجد ان من لا يجمعهم شيء متفقون, ومن يجمعهم كل شيء متفرقون, فليس المهم من يقول الحق والواجب ومن يرفع الراية؟ ولكن المهم ان يُقال الحق ويُعمل بالواجب وتُرْفع الراية,فحياتنا حياة تكامل لا حياة تآكل,
الذين لم يقرءوا التاريخ يظنون أن ما يحدث من احتلال وثورات أمرًا مفاجئًاَ جاء وليد الأحداث التي أنتجته، ولكن الحقيقة الكبرى أنهم نسوا أن ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الاستعماري الذي خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية والصليبية العالمية؛ لتفتيت العالم الإسلامي، وتجزئته وتحويله إلى "فسيفساء ورقية يكون فيه الكيان الصهيوني السيد المطاع.
لقد تعرضنا لأكبر عملية "غسيل دماغ" قام بها فريق يعمل لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي بزعامة برنارد لويس "عراب الصهيونية" - حيي بن أخطب العصر الحديث، مستشرق بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية صاحب اخطر مشروع في هذا القرن لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب, الذي صاغ للمحافظين الجدد في إدارة الرئيس بوش الابن إستراتيجيتهم في العداء الشديد للإسلام والمسلمين، وقد شارك لويس في وضع إستراتيجية الغزو الأمريكي للعراق؛ حيث ذكرت الصحيفة الأمريكية وول ستريت أن "لويس" كان مع الرئيس بوش الابن ونائبه تشيني، خلال احتفاء الاثنين على إثر حادثة ارتطام الطائرة بالمركز الاقتصادي العالمي، وخلال هذه الاجتماعات ابتدع لويس للغزو مبرراته وأهدافه التي ضمَّنها في مقولات "صراع الحضارات" و"الإرهاب الإسلامي",وفي مقابلة أجرتها وكالة الإعلام مع "لويس" في 20/5/2005م قال "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك"إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا"، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تُقْدِم أمريكا بالضغط على قيادتهم دون مجاملة ولا لين ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة الغربية -ولذلك فإن على الأمم الغربية أن تقف في وجه هذا الخطر البربري دون تلكُّؤ أو قصور ولا داعي لاعتبارات الرأي العام العالمي فالغاية تعزيز التحالف ضد الخطر ودفع الاتراك والاكراد والعرب والفلسطينيين والايرانيين ليقاتل بعضهم بعضا كما فعلت امريكا مع الهنود الحمر من قبل.
بدأ الصهيوني المتآمر "برنارد لويس" بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كلا على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي.. إلخ، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الدويلات العرقية والدينية بحيث تكون على النحو التالي :
مصر أربع دويلات - (سيناء وشرق الدلتا تحت النفوذ اليهودي(ليتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات),الدولة النصرانية عاصمتها الإسكندرية,دولة النوبة عاصمتها اسوان, مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة حيث تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى التي يطمع اليهود في إنشائها .
السودان تقسيمها اربع دويلات- دويلة النوبة: المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية , دويلة الشمال السوداني الإسلامي, دويلة الجنوب السوداني المسيحي, دارفور.
دول الشمال الإفريقي - تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة دولة البربر(على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان), دويلة البوليساريو, الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.
شبه الجزيرة العربية والخليج- إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات من الخارطة,
ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط, دويلة الإحساء الشيعية(وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين), دويلة نجد السنية, دويلة الحجاز السنية باضافة اليمن اليها.
العراق - تفكيك العراق على أسس عرقية ودينية ومذهبية ,ثلاث دويلات , دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة, دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد, دويلة كردية في الشمال.
سوريا- تقسيمها إلى أقاليم متمايزة عرقيًّا أو دينيًّا أو مذهبيًّا, اربع دويلات(دولة علوية شيعية على امتداد الشاطئ, دولة سنية في منطقة حلب, دولة سنية حول دمشق, دولة الدروز في الجولان).
لبنان- تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية,"دويلة سنية في الشمال (عاصمتها طرابلس), دويلة مارونية شمالاً (عاصمتها جونيه), دويلة سهل البقاع العلوية (عاصمتها بعلبك), بيروت الدولية(كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية, كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة, دويلة درزية, كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي".
تقسيم إيران وباكستان وأفغانستان,تقسيمها إلى عشرة كيانات عرقية ضعيفة(كردستان, أذربيجان, تركستان, عربستان, إيرانستان, بوخونستان, بلونستان, أفغانستان, باكستان, كشمير).
تركيا انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية التي أقيمت في العراق, و تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين, فلسطين (إسرائيل الكبرى ) ابتلاع فلسطين بالكامل وهدم مقوماتها وإبادة شعبها إضافة لباقي ما تقدم.
هذا نص المخطط الصهيوني المرسوم منذ سنوات ويتفذ على مراحل فما نحن فاعلون؟ منا من يجلس بلا حراك مجرد متفرج على ما آلت إليه الأوضاع ومنا من يحاول تزييف الحقائق وقلب الموازين ليظهرها بشكل غير حقيقي ومنا من يتباكى على أمجاد أمة عريقة كانت خير أمة أخرجت للعالمين ومنا من يحاول التدرج في فهم حيثيات الأمور ,ولعكس تلك المخططات وبالرغم مما نراه رأي العين ماثلاً أمامنا من حقائق في فلسطين والعراق والسودان وأفغانستان، وما يحدث من ثورات والبقية آتية لا ريب إذا غفلنا,ولوقف الطوفان القادم,فان لم نتمكن من توحيد الامة كلها تحت راية واحدة على الاقل ,فلا بد أن ندعو إلى كونفدرالية موحّدة في الوطن العربي بعد ان اتضح ان مشكلتنا تكمن في ضعف الدول العربية،والحل هو اعادة توزيع الوطن العربي توزيعاً سياسياً يتماشى مع المصلحة العربية,وافضل مشروع يطرح ان تتحد الدول في ست أقاليم كونفدرالية قوية بدلاً من 22 دولة ضعيفة,الاتحاد الخليجي, اتحاد بلاد الشام, اتحاد المغرب العربي, مصر والسودان,العراق والاحواز, تركيا وافغانستان وما حولها.
يبتدئ المشروع بنشر ثقافة الوحدة بين المجتمعات العربية، بالاضافة الى تحقيق الاصلاح و التكامل والتنسيق مابين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في خدمة المنطقة حتى يضمن قوة سياسية اكبر, وتوجيه رسالة لأي قوى خارجية او اقليمية باننا يد واحدة ضد أي تدخل أو محاولة للهيمنة على الاوطان والثروات, أو التفرد بالقرارات وتحقيق شكل راق من التوزيع العادل للثروات الوطنية ومكافحة الفساد الإداري والمالي, وحماية الحريات العامة كحرية الرأي والتعبير والتفكير والإبداع والبحث العلمي والتجمع وحرية الإعلام والمشاركة في الشؤون العامة .
عالمنا العربي والمسلم في أسوأ حالاته واحتمالات نشوب الحرب و التفرق والتشتت كبيرة والسيوف والسهام موجهة من كل حدب وصوب ومن داخلنا الى داخلنا وما من أمة هُزِمَت إلا من داخلها, فلم لا نكون قوة اقليمية قوية قادرة على الصمود , فطريق الوحدة يبدأ باعادة بناء الجبهة الداخلية العربية اولا - في حدود كل اقليم عربي وبعد ذلك في حدود الوطن العربي الكبير, الكل يتوحد أمريكا كانت مجموعة ولايات واتّحدت , الدول الاوروبية كانت متفرقة واجتمعت , وهم على خلاف في كثير من الاساسيات كالدين واللغة والعادات والتقاليد ,فما بالنا نحن أمة العروبة والإسلام نترفّع عن مد الأيدي والمبايعة لديننا وأوطاننا وكرامةٍ أُهدِرت وأرواح أُزهقت وأعراض دُنّست , وكل يوم نحن في شأن , فان لم تستفق العقول لأصحاب القرار والمبادرات فلتعلم أن لكل أجل كتاب وستدور الدائرة عليهم يوما كما دارت على غيرهم , فالذكي من يتّعظ بغيره – ولله جنود لا يعلمها إلا هو – فهل نجد من يطرح مبادرة لإعادة توحيد الأرض العربية وتجميعها من 22 دولة ضعيفة إلى 6 قوية ويعمل لأجلها وبقوة ؟ أم ننتظر لعل الفسيفساء تكتمل ويكون الكيان الصهيوني هو السيد المطاع ؟