لا يضاهي أحد العسكر في تقديس العلم في العالم كله، ولا يقترب من مكانتهم العظيمة أحد أكثر ممن نازعتهم قوى قسرية حق رفع العلم، سواء جراء احتلال أو قمع أو هجرة أو اغتراب في بلاد لا تحترم التعددية وحريات التعبير.
من نعم بلاد العم سام وفي الغرب عموما، حق رفع علم الوطن الأم، ليس فقط للمهاجرين الذين صاروا مواطنين، بل المقيم بشكل قانوني، وحتى الزوار من طلبة وسواح. العبرة ألا تزاحم تلك الأعلام علم البلاد حتى وإن كانت راية دينية أو ذات شعار ديني كرفع علم الفاتيكان في الكنائس الكاثوليكية بأمريكا، أو العلم الأمريكي المتضمن علامة الصليب في كنائس البروتستانت خاصة فيما يعرف بولايات الحزام الإنجيلي «بايْبِلْ بِلْتْ» التي يحسب حسابها في الانتخابات وتميل عادة إلى الجمهوريين.
وحده العلم الأمريكي الرسمي هو الذي يتصدر بالقانون والعرف الفضاء العام، بما في ذلك النشاطات الخاصة للأفراد والمجموعات ما دامت تشغل حيزا من ذلك الفضاء العام، حتى وإن كان داخل حرم جامعي، كما جرت في بعض الجامعات الأمريكية التي خلط في حرمها بعض النشطاء من أمريكيين وأجانب الحقوق الخاصة والعامة، بما صار محل نزاع قانوني وسياسي، حسمته الإدارة الأمريكية في نهاية المطاف لصالحها، رغم الضجة الإعلامية المرافقة، محليا ودوليا.
سقا الله أيام المدرسة! تربية وطنية ما زالت في الأردن بخير ولله الحمد. في القطاعين العام والخاص، مدارس عالمية أو وطنية أو دينية، جميعها تربي فلذات الأكباد على أن حب الوطن، من محبة الله ورضاه ورضى الوالدين. السلام الملكي والعلم الأردني دائما خير ما يستهل به «صباحات الوطن الجميل» كما كانت في تلك الفقرة المميزة من برنامج «يسعد صباحك» عبر أثير التلفزيون الأردني والذي كان يُتابع عربيا استنادا إلى تميزه في المحلية الوطنية الأردنية بما فيها اللهجات المناطقية، وهي ميزة للأسف ما زالت غير مستثمرة كما ينبغي حيث المحلية قيمة وميزة تنافسية. ومن ثم كان النجاح والانتشار عبر الفضائية الأردنية في الوطن والمهجر، حتى أمريكا الشمالية، الولايات المتحدة الخمسين، والجارة كندا التي يخطب دونالد ترمب ودها على نحو غير مسبوق!
لأهمية العلم، الراية، اللواء، أحببت تكريس الأسبوع لما يحمله العلَم من رمزية واحدة ومزايا متعددة. لكل سأجتهد في تكريس مقال، والبداية للسارية.. تلك قيمة مضافة، تؤكد وحدانية العلم وهي في أمريكا لا تكرس إلا على نحو خاص، حيث لكل سارية علمها. ومن اللافت في الثقافة الأمريكية أن العسكريين -وحدهم العسكريين- الذين يتميزون بإقامة سارية أمام حدائق منازلهم الأمامية طبعا من جيبهم الخاص، من حرّ مالهم. وقد لفتني حرص بعضهم على ممارسة تقاليد رفع العلم يوميا مع كل طالع شمس، مع بداية كل نهار. لولا احترام الخصوصية لعرضت بعض التفاصيل التي تُغني عنها مواقع التواصل الاجتماعي الحافلة بكثير من فيديوهات «الوطنية الأمريكية» والتي لا تقتصر على «ماغا» كما يظن البعض.
كم جميل أن نرى «ترند» علمنا_عالٍ في جميع ربوع المملكة، ومن سائر أرجاء المعمورة. ليس من السفارات والمقار الرسمية، بل من الدور، ومنارات العِلم وميادين العمل وحتى من بيوت يرفع فيها اسم الله، مساجد وكنائس. جميل تماهي القدسية الوطنية مع القداسة الروحية..
من حقنا أن يرانا العالم ويسمع منا لا عنا.. والسارية -سارية العلم- في هذا المقام هي الإعلام «الإتصال والتواصل» الصوت والصورة والكلمة والإنفوغرافيكس وسائر المؤثرات والتطبيقات بما فيها تلك الذكية، طبيعيا واصطناعيا!
قد أحسن صناع المحتوى الأردني أخيرا بمحاكاة صفحات من ذاكرتنا الوطنية بفيديوهات قصيرة عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث استمتع الناس بمحاكاة العيش في زمن جميل عاشته عمّان أواسط القرن الماضي، بتفاصيل تكاد تسمع فيها صوت فيروز «عمان في القلب» وفارس عوض «عمّان يا دار المعزة والفخر».. ظاهرة جميلة جديرة بالتعميم. ليس في مقدرتي الاحتفال بعيد العلم الذي يصادف هذا العام الأربعاء، بإنتاج مقطع فيديو أقل من دقيقة بعنوان «مملكة الزمن» في ساحات محددة كوادي رم. كلي ثقة إن تصدى مبدعٌ من صناع المحتوى الأردني لذلك، قد يصير ذلك المقطع «ترندا» يصل إلى إيلون ماسك الذي وفرت أقماره الصناعية مؤخرا خدمة الإنترنت الفضائي للأردن.
ماسك يعشق المريخ وهو عاقد العزم على زيارته وربما الاستثمار فيه والهجرة إليه في بحر ست سنوات! ماذا لو أتانا نجم «دووج» -دائرة الكفاءة الحكومية- يعني بعبارة أخرى «مكافحة الفساد» ماذا لو أتانا ضيفا هذا الربيع، وعاش التجربة المريخية في كوكبنا، في مضاربنا الأردنية العامرة في وادي رم الذي شهد تصوير فيلم «ذَ مارشَن» قبل عشر سنين!
أواصل التخيّل والكثير من العمل الجاد يبدأ خيالا في ذهن صاحبه، أواصل فأقول... وبالطريق من مطار الملكة علياء أو ماركا إلى وادي رم، قد نعرض على ماسك ومن بمعيته، فرصا استثمارية في جبل المريخ أو سواه من عاصمة مملكة الزمن عمّان الحبيبة، ربة عمّون، فيلادلفيا التي تعني باليونانية «المحبة الأخوية».. يستحق ماسك إجازة -ضيافة- في مضاربنا من وادي القمر في وادي رم والبترا.