نحيي بحرارة قرار صالح المطلك وجبهة الحوار بالعودة عن قرار المقاطعة للانتخابات. وكان المطلك قد وجه نداء للمقاطعة بسبب استبعاده وآخرين من حق الترشح بقرار من هيئة المساءلة سيئة الصيت وهو ما رسم ظلالا رمادية كئيبة حول العملية الانتخابية في العراق بعد ان كانت مؤشرات سياسية – اجتماعية ايجابية للغاية أخذت تظهر وعكسها تشكيل الائتلافات التي ستخوض المنافسة وعززها اقرار نظام القوائم المفتوحة.
النظام الجديد للتمثيل النسبي على مستوى المحافظات بالقوائم المفتوحة يتيح للناخب أن يختار المرشحين مباشرة بعكس نظام القوائم المغلقة للانتخابات الفائتة التي قامت على فرز طائفي كامل وجاءت بنواب لا يعرفهم الجمهور. وقد انعكس اثر النظام الجديد في حرص "الكيانات السياسية" على نوعية المرشحين ومستواهم وتنويع انتماءاتهم لدفع تهمة الطائفية ولجذب كل مصادر الأصوات.
لقد فرطت الائتلافات الطائفية القديمة وتشكلت ائتلافات جديدة؛ فالرئيس المالكي ( حزب الدعوة الشيعي) شكّل "ائتلاف دولة القانون" مع مجموعات تشمل زعماء عشائر سنّية وأكرادا ومسيحيين ومستقلين. بينما يقود اياد علاّوي ( عربي شيعي علماني) ائتلاف "العراقية" مع طارق الهاشمي وصالح المطلك الذي أعاد جبهة الحوار التي يقودها للمشاركة ربما تحت ضغط حلفائه واقتناعه بخطأ إخلاء الساحة وإضعاف التيار الوطني والقومي عموما. وشكل وزير الداخلية جواد البولاني وهو شيعي مع أحمد ابو ريشة وهو زعيم عشائري سني من محافظة الانبار واحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني "ائتلاف وحدة العراق". هذا بينما اتجه ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء الأسبق الى الائتلاف مع اياد السامرائي رئيس مجلس النواب والشريك السابق مع طارق الهاشمي في قائمة التوافق العراقي إضافة الى حميد مجيد موسى رئيس قائمة اتحاد الشعب.
بالطبع هناك قوائم عديدة تمثل صراحة مجموعات عرقية ودينية صغيرة منوعة اضافة الى التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبيان الرئيسيين بقيادة البرزاني والطالباني والتحالف الشيعي (الائتلاف الوطني العراقي) الذي يضم الحكيم والصدر والجلبي، لكن حتّى هذا التحالف حرص على ضمّ زعامات سنّية مثل الشيخ الهايس المنشق عن مجلس انقاذ الأنبار وآخرين.
وهذا التشكيل الجديد للائتلافات جاء متماشيا مع مناخ نفور عام من الطائفية وانتعاش للوطنية العراقية. وكانت المؤشرات تقول ان حجم المشاركة في الانتخابات سيكون أوسع وأشمل خصوصا مع اتجاه الوسط السنّي وزعماء العشائر للمشاركة الكاملة، وأن المكون الشيعي سيفقد اغلبيته المطلقة في المجلس. والأهم ان خارطة الكتل ستكون بنسبة معينة عابرة للطوائف خصوصا وأن كتلة علاوي التي تمثل تنويعا وطنيا قد تصبح أكبر الكتل البرلمانية. ولذلك فان قرارات هيئة المساءلة بدت كطعنة في ظهر الأمل الجديد للعراق والعراقيين، ولحسن الحظ ان المطلك وزملاءه تجاوزوا على ذواتهم ولم يقعوا في فخ المقاطعة وإضعاف جبهة التغيير فعادوا إلى المشاركة وهو قرار كما قلنا يستحق التحية.