بعد ازمة اغتيال المبحوح وتدني صورة اسرائيل في الغرب لجأت وزارة الاعلام الاسرائيلية الى تدشين موقع اعلامي يهدف الى التواصل مع الاسرائيليين في الخارج ويدفعهم الى المساهمة في تحسين صورة اسرائيل ، لفتة لا تخلو من ذكاء يجب الاعتراف به حتى لو كانت اللفتة صادرة عن عدو ، فهذا العدو لا يترك شاردة او واردة دون الاستفادة منها ، ويتعامل مع الظروف بسرعة ودون ابطاء ، فما احدثته دبي وشرطتها في قضية اغتيال المبحوح يستحق التقدير والبناء عليه من اجل حرب معاكسة يشنها العرب المقيمون في الغرب اسوة بالخطوات القادمة من الاسرائيليين .
عملية اغتيال المبحوح منحت القضية الفلسطينية دعما اضافيا يوازي مكاسب تقرير غولدستون ان لم يكن تقرير غولدستون جديدا ، فهذه هي المرة الاولى التي تمسك فيها دولة دلائل على تورط الموساد وفرق اعدامه المنتشرة في عواصم العالم .
المفارقة ان عملية اغتيال المبحوح وبدل ان تحملها الحركات الفلسطينية كملف الى العالم ومنظماته الدولية والانسانية ، صار نفطا زائدا على نار الخلافات وصار قذائف وتهما تتقاذفها حركتا حماس و فتح ، واراحت الطرف الاسرائيلي من عبء كوني كان سيعيد فتح ملف مسكوت عنه منذ اربعة عقود على الاقل وظل غامضا او مقيّدا ضد مجهول معروف دون دلائل.
اسرائيل تقود حربا لغسل صورتها من جريمة دامغة ، والفصائل الفلسطينية تتراشق التهم حيال انتماء اثنين ننتظر تحقيقات شرطة دبي كي تكشف دورهما او تنفي ضلوعهما حسب تسريبات في عملية الاغتيال ، وصار دم الفلسطيني جزءا من حروب فصائلية مقيتة تكشف عن انعدام الحس الجمعي الوطني وتراجع تراتبية القضية الاساس لصالح نزاعات فرعية تكشف شوفينية التنظيمات حتى لو كان الثمن اخراج اسرائيل من الجريمة .
لا احد ينكر اختراقات الموساد للفصائل ، ولا احد يمكنه اثبات ملائكية منتسبيه ، فالفصائل الفلسطينية تعرف وكشفت مئات الاختراقات او آلافها ابتداء من اختراق مكتب الشهيد ياسر عرفات الى باقي المفاصل التنظيمية ، وتعرف حركة حماس ان اغتيالات الكثير من كوادرها كان بسبب اختراقات داخل الحركة ليس اخرهذه الاختراقات تورط ابن احد ابرز قيادييها ، وهذا لا يعيب الحركة ولا ينتقص من حضورها ، فهي حركة مستهدفة وكوادرها على لائحة الاغتيال . المعيب ان ننكر وجود الاختراق ، لأن هذا يعمق الازمة ويضاعفها ، وينقلها الى مربع اخر ليس مريحا للحركة ولا لبنائها الذي بدأت اركانه تهتز بسبب النفي المتكرر ومحاولة اثبات ملائكية الحركة ومنتسبيها ، فهي حركة من نفس المكون الذي تكونت منه باقي الفصائل الفلسطينية ، وما تعرضت له الحركة من اغتيالات منذ حرب غزة وما بعدها مؤشر خطير جدا تبعا لنوعية الرجال الذين تم اغتيالهم ، وطبيعة ادوارهم ومهامهم التنظيمية مما يعني ان"سوس الخشب منه"لا من خارجه .
مواجهة العدو لا تتم بالتراشق الداخلي واغفال وجوده لصالح تحقيق ارباح تنظيمية على حساب القضية نفسها وعلى حساب انكار فصيل اخر وتاريخه ، فاسرائيل تستهدف نشطاء فلسطين كلهم وتعرف تماما ما تفعله من وراء اغتيالها للنشطاء وستستمر بكثافة ما دام الثمن بسيطا مجرد نفط على نار الخلافات التي يجب ان تزول دون ابطاء وهذا لن يتم دون اعتراف كل طرف بخطيئته وخطأه .
omarkallab@yahoo.com