زاد الاردن الاخباري -
كشفت أحداث المفرق الجمعة الماضية التي جرت فيها مهاجمة مسيرة للحركة الإسلامية قبل إحراق مقر لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي جبهة العمل الإسلامي عن صراع بين أجنحة الحكم داخل الدولة الأردنية.
وتكشف مصادر سياسية متعددة عن أن الصراع بين الحكومة ومراكز قوى خرج للعلن إثر الانتقادات اللافتة التي وجهها رئيس الوزراء عون الخصاونة ووزير الدولة لشؤون الإعلام راكان المجالي لما جرى في المفرق، بينما كانت مراكز قوى تمارس ضغوطا على وسائل الإعلام لإدانة الإسلاميين وتحميلهم مسؤولية ما جرى.
"قوى شد عكسي"
وكان الخصاونة أجرى اتصالات بقيادات الحركة الإسلامية وعبر لهم عن رفضه لما تعرضت له مسيرتهم ومقارهم، فيما ذهب المجالي لاعتبار أن ما جرى كان موجها للحكومة وجهودها الإصلاحية من قبل "مراكز قوى شد عكسي" اتهمها بأنها تعمل ضد الحكومة والنظام.
وأضاف المجالي للجزيرة نت السبت الماضي "ما حدث في المفرق موجه ضد الحكومة وخططها الإصلاحية في محاربة الفساد وفتح ملفاته".
واتهم من وصفها "جماعات وقوى شد عكسي تعمل على صرف الأنظار عن التطورات الأخيرة في فتح ملفات الفساد"، وذهب لوصف من أحرقوا مقر الإخوان بالمفرق بـ"المجموعات المنفلتة"، وهو ما يتناقض مع وجهة النظر التي خرج بها إعلاميون وكتاب مقربون من الحكومة حملوا الإسلاميين مسؤولية ما جرى لهم.
وأغضبت هذه الإدانة الحكومية مراكز قوى كانت أبدت سابقا امتعاضها مما اعتبرته "غزلا" يمارسه رئيس الوزراء تجاه الإسلاميين والجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة أحمد عبيدات.
وظهر للمراقبين عمق الأزمة بين أجنحة الحكم في الدولة في الضغوط التي مارستها جهات أمنية على وسائل الإعلام للتقيد بروايتها لأحداث المفرق وتجاهل رواية الإسلاميين، فيما بدت الحكومة خارج المشهد من خلال عدم قدرتها على وقف الأحداث أو التخفيف من غضب الإسلاميين الذين أبلغهم رئيس الوزراء أن ما يجري "موجه ضد حكومته بالأساس"، وفقا لما نقلته قيادات إسلامية عن الخصاونة.
وكشف سياسيون بارزون للجزيرة نت أن هناك مراكز قرار عليا في الدولة الأردنية باتت تخشى من "السيناريو الأسوأ" وهو إقدام الخصاونة على تقديم استقالته وهو ما سيضع الحكم في الأردن في مأزق قد يعمق الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد ويزيد من حالة الاحتقان في الشارع.
ثلاث حكومات
ويتحدث محللون عن أن الحكومة تواجه قاعدة صلبة داخل مؤسسات القرار ترفض توجهاتها للإمساك بزمام الأمور في البلاد التي ظل معارضون يقولون إنها موزعة على ثلاث حكومات هي حكومات الديوان والمخابرات والحكومة التي يعرفها الناس والتي تحدث معارضون غير مرة عن أنها "الأضعف" في الأردن.
ويرى المحلل السياسي والباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية محمد أبو رمان أن هناك مأزقا تعيشه مراكز القرار في الدولة عمقته أحداث المفرق الأخيرة.
وقال للجزيرة نت "تصريحات وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق باسم الحكومة راكان المجالي للجزيرة عن وجود قوى شد عكسي ومراكز قوى تعمل ضد النظام والحكومة وتزامنها مع الضغوط التي تعرض لها الإعلام لتجاهل أحداث المفرق يكشف عن عمق الأزمة بين حكومة الخصاونة ومراكز القرار الأخرى في الدولة".
واعتبر أبو رمان أن هناك خشية لدى مؤسسات القرار من إقدام رئيس الوزراء على الاستقالة، وتابع "الحكومة بدأت تسير على حبل مشدود ونعيش اليوم أزمة حادة بين مراكز القرار وقد يكون الحسم بيد الملك وحده حول وجهة الأمور ولصالح أي طرف".
أعداء الحكومة
وذهب المحلل السياسي للقول إن الحكومة "لديها قاعدة واسعة من الأعداء سواء من داخل مؤسسات القرار ومن قوى اليمين التي ترى في مغازلتها للإسلاميين خطرا، ومن قوى متحالفة مع النظام السوري لا تريد لحكومة على علاقة جيدة مع الإسلاميين أن تستمر".
وبرأيه فإن أجندة الرئيس الخصاونة الإصلاحية تتعارض مع الجدول الزمني الذي يريده الملك عبد الله الثاني للإصلاح، كما أن جدول الخصاونة ورؤيته لا تجد موافقة من الإسلاميين -الطرف الأهم في المعارضة- وهو ما يوسع من قاعدة خصوم الرئيس وحكومته.
ويرى أن سيناريو الحل -إن أقدم الخصاونة على الاستقالة- سيكون بحل البرلمان وتعيين حكومة إنقاذ والدعوة لانتخابات مبكرة، فيما ستحاول مراكز القوى في الدولة تجنب هذا المسار واللجوء لتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر أمام الشارع.
ولا يخفي أبو رمان أن يكون توجه رئيس الوزراء الجاد نحو إحالة ملفات فساد كبرى وشخصيات تعتبر "محصنة" من المحاسبة للقضاء قد زاد من خصومه وهو ما سيعمق من أزمة مراكز الحكم في الأردن، حسب رأيه.
الجزيرة