للحكومة الحالية قصة مع الرقم ثلاثة عشر ، فقد بقي فيها ثلاثة عشر وزيرا من الحكومة الماضية ، ودخلها ثلاثة عشر وزيرا جديدا ، وانهت تشكيلها يوم الثالث عشر من شهر كانون الاول ، لتحلف في اليوم التالي ، وها هي تعتزم رفع الدعم عن ثلاث عشرة سلعة.
شخصيا اخاف من الرقم ثلاثة عشر ، وكلما حاولت ان لا اكون مُتطيّرا منه تثبت عدم قدرتي ، وفي اوروبا يرفض مسافرون ان يسافروا عبر رحلة يحتوي رقمها على رقم ثلاثة عشر ، حتى تم الغاء رقم ثلاثة عشر من اغلب الرحلات للشركات الاوروبية ، وفي الفنادق تجد تسلسل الغرف يبدأ من اي رقم وحين يصل ثلاثة عشر ، يقفز الى اربعة عشر او ينتهي في حالات عند اثني عشر ، لان الزبائن لا يحبون هذا الرقم ، واغلب الفنادق الجديدة في اوروبا تنتهي عند الطابق الثاني عشر ، وهناك تطير منه عند كثرة من شعوب العالم ، وهو تطير غير علمي في نهاية المطاف ، ومن المعروف في الغرب ، انه اذا صادف يوم ثلاثة عشر يوم جمعة ، فان الغربي ينقبض صدره ، ويتطير بشدة ، وايا كانت الاسباب ، فأن التطير يبقى امرا غير علمي.
القصة ليست اسقاطات بدائية على وضع سياسي ، او ارسال رسائل عبر الخرافات والشعوذة السياسية ، غير اننا نتحدث عن قصة الرقم ثلاثة عشر فقط ، خصوصا ، وان الحكومة على لسان الفريق الاقتصادي تعتزم رفع الدعم عن ثلاث عشرة سلعة وهي السلع التي اقر النواب في وقت سابق ، بقاء الدعم عليها وهي سلع اساسية وهذه السلع "الحليب ، الاجبان ، الحمص ، العدس ، البن ، الشاي ، الحنطة ، الشعيرية ، الذرة الصفراء ، الأرز ، دقيق الذرة ، زيت النخيل ، السكر" وهي سلع اساسية كما ترون في اغلب البيوت ، والحكومة تقول ان عليها ان تجمع العجز والديون ، ولن ترفع سعر الغاز ، وستضطر لفرض ضريبة على البنزين ، وستقوم برفع الدعم عن هذه السلع كأحد الخيارات المطروحة ، واي خيار اخر ، سيتم رفضه من الناس ، لان النتيجة واضحة ، فالمزيد من المصاعب الاقتصادية والغلاء سيطغى على حياة الناس في كل مكان ، ومن كافة المستويات ، بحيث تتحول الرواتب الى حفنة اوراق لاتضر ولا تنفع.
الرد الرسمي على امثالي من رافضي رفع الدعم هو القول فليتفضل المعترض ويُقدم لنا الحلول البديلة ، والواضح بالنسبة لي ولغيري ان القرارات مُقبلة على الطريق ، اعترضنا ام لم نعترض ، اقترحنا ام لم نقترح ، خصوصا ، ان ما وصلنا اليه كان نتيجة منطقية لغياب السياسات الاقتصادية ، ونتيجة اخرى لسياسات الخصخصة وتحرير السوق ، وتناقض الوصفات الاقتصادية ، وعدم ضبط الانفاق على قطاعات واسعة ، وعدم محاربة الفساد بشكل صحيح ، حتى اصبح الحل الوحيد المتاح هو عصر جيوب المواطنين ، وهو عصر سيشي بأوضاع اقتصادية واجتماعية في غاية الصعوبة ، وسنرى تداعيات ذلك على كافة المستويات ، خلال السنين المقبلة ، حين ينخر الفقر العظم ، وحين تتزايد الامراض الاجتماعية كنتيجة منطقية للفقر ، لعنه الله.
رفع الدعم عن هذه السلع ، وترك حيتان السوق لابتلاع الناس ، وازدياد الضرائب ، وكُلف الحياة ، سمات غير مبُشرة ، لواقع اكثر صعوبة ، ولا نملك الا ان ندعو الحكومة لان تبحث عن حلول اخرى ، خصوصا ، اننا سمعنا قبل ايام ان لا ضرائب على طعام القطط في الاردن ، فيما رفع الدعم يُهّدد السلع الاساسية ، فوق ارتفاع اسعارها ، وهي مفارقات تجعل الحليم حيرانا وغاضبا.
ثلاثة عشر رقم تتطير منه شعوب العالم ، ونحن على وشك ان ننضم شعبيا الى قائمة المتطيرين ، من الرقم. أليس كذلك؟.