خطابات... بيانات... تأكيدات... تطمينات.. تصريحات, العدو الأول لنا هو الفساد, سنجتثه من جذوره..؟! ولا يوجد من هو فوق القانون..؟! جميل جدا.. فانفرجت الأسارير, ونبضت القلوب, وهدئت قليلا النفوس, وانتشت الأجساد فرحا, فالأمل مازال موجودا...
من هنا وقبل عدة شهور بدأت الحكاية, فأنتظر المنتظرون, وفرح المواطنون..! وعاد بريق الأمل من جديد؛ يحي شيئا كان قد ضاع في النفوس, فتقرُّ العيون, وتستريح الجفون, ولسان حال الناس يقول: قد جاء الفرج..وساد العدل.. ومضت الأيام...والناس متحمسون..منتظرون.. وما بين نبضات القلوب.. وعقارب الساعة وهي تدور, ازداد الشوق, و بدأ الخير, وجاءت بشائره من وزارة الزراعة, فقد بدأت المواجهة..؟! ستخضرّ أرضك يا وطني, فقد عُرف سبب التسحّر, وتراجع المحصول..! نعم, قبضوا بعضا من لصوص الوطن... بعد قليل ستعلمون, ثم ستعلمون...زاد العدد...بعد قليل ستعلمون..ونحن منتظرون, وإلى ربنا متضرعون.. ثم ستعلمون...لم نعلم بعد, لكن ستعلمون..! ربما في التأخير خير لا نعلمه, فما زلنا في البداية, وما الزراعة إلا أول الشرارة..؟! وربما في الأمر رؤوس كبيرة أينعت, فالمخاض صعب, لكنّنا منتظرون..وما بين رجاء ويأس... سوف تعلمون...حتى دقّ الجرس..؟! فقلنا اقترب الفرج.. وسنعلم ما يعلمون... ثم... ثم بدأت المطاردة... سمعنا صراخا ومعمعة .. فدمعت الأعين ...وابتهلت بالدعاء الألسن..كان الله في عونكم؛ فأنتم تخوضون معركة الفقراء والشرفاء, ضد سارقي وبائعي الوطن, المتاجرين بخيراته وثرواته, والمهجِرين لطاقاته وأبنائه.. ثم... ووسط كثافة الغبار, ودموع الأعين والانتظار.. كانت البداية...ويا لها من بداية..؟! فقد فُصِلَ عمال الزراعة...؟ ! أهؤلاء اللصوص..؟! عركنا بأيدينا العيون, وقرصنا بأصابعنا الخدود, فما عدنا مصدقين ما نرى... ثم .. تحولت البوصلة إلى الصحافة, إلى منابر الحق والنزاهة.. انحرفت البوصلة...أصبحوا في الاتجاه الخطأ بكل تأكيد...لا بد أن في الأمر خطأ.. ما الذي حدث..؟ أين اللصوص.؟ أين الفلوس..؟ ليسوا هؤلاء يا سادة, هذه منابر الأحرار, ولسان الصادقين منهم والأبرار, هؤلاء ليسوا الأشرار, لقد أخطأتم, لا بد أن في الأمر قرارا.
هذه الأقلام لا تسرق, هذه أقلام النبلاء, هذه صفحات بيضاء, هذه رصاصات الحق لمصاصي الدماء, هذه أقلام مدادها حب الوطن, تحيك له من أشعة الشمس نورا, ومداها السماء.
انحرفت البوصلة, فوقع الاختيار على الأخيار!! أين الأشرار؟ أين لصوص الوطن؟ أين سارقو الخبز؟ وبائعو الوطن في أسواق المزاد؟ أين ذهبوا..؟ انحرفت البوصلة, تغير الاتجاه, ضاعت الآمال, عدنا إلى الوراء.
صدر صوت مسموم..لا تكتبوا.. ففي أخبار الفن فضاء...وهي للشهوة نداء..وزغردوا لبيع الوطن ففي هذا انتماء ونماء, فلا فقر موجود, ولا غلاء, ولا جشع تجار أو بلاء, بل شفافية وشفاء, وهل أجمل من صوت وكلمة كهيفاء؟! ليس في الأمر عناء, وبعدد المعجبين لكم عزاء, ولتبقى صفحاتكم بيضاء...!! لكنّ وطني..وطني ..ماذا أقول لقلمي وولدي؟ وكيف سأقابل وجه ربي..؟ بعد كل ما تعلمته عن حب بلدي, وهل يحيى بلدي بدون قلم؟ وهل ينمو الشجر بدون ماء؟ وهل تكون الكرامة من غير وطن؟ مالكم كيف تحكمون؟ وبأي لسان تنطقون؟ لن ترفع الأقلام, ولن نبيع الأوطان, بل سنكتب...ثم نكتب ونكتب.. ولو شيدوا المزيد من السجون, وعلّقوا لنا المشانق وحفّروا القبور.