بلغ الإنفاق على الصحّة خلال عام بليونا و167 مليون دينار؛ حصّة القطاع العام منها 59 % أو 690 مليون دينار، والقطاع الخاص 44 % أو 477 مليون دينار، وهذه الارقام التي أعطاها وزير الصحّة، د.نايف الفايز في لقائه أمس مع قطاع المستشفيات الخاصّة، قد لا تمثل كأرقام مطلقة دلالة محددة للقارئ، فنوضح بالقول إننا ننفق على الصحّة في الاردن 10 % من الناتج الوطني الإجمالي مقارنة مع نسبة بالمتوسط هي 11 % في دول شمال أوروبا أي في أكثر بلدان العالم رفاها وتقدما!
إذا كانت الخدمة الصحيّة ليست بالمستوى المطلوب عندنا فالسبب فقط هو قلّة الكفاءة وتدني الإنتاجية والهدر في الموارد.
إن شراء جهاز متقدم يدخل في بند الإنفاق من الدخل الوطني على الصحّة، وبقاؤه في المخازن حتى يصدأ يدخل في باب الهدر، ويكون السبب في العادة عدم ملاءمة الجهاز مع متطلبات أخرى قد تنقضي سنوات قبل توفيرها، أو عدم وجود مختصّين له أو قطع غيار؛ أي في النهاية سوء إدارة وتخطيط.
الدولة ليست مقصرة بنسبة الإنفاق، والقطاع الخاص ليس مقصرا في الاستثمار بالصحة، لكن المشكلة هي في الإدارة والإنتاجية والنزاهة، فالتأمين الصحي يدفع مئات الدنانير على سلسلة فحوصات يتبين أن %80 منها لم يكن ضروريا، بل لرفع الفاتورة، وهكذا فعدم النزاهة يعني هدر 80 % من الموارد.
جاء لقاء أمس على خلفية قرار بتقاضي رسوم فحوصات على كل وحدة يصرفها بنك الدمّ، لكن الوزير عرّج بحديث صريح على قضايا أخرى مثل غسيل الكلى، وتحويل مرضى التأمين الحكومي للمستشفيات الخاصّة. وحسب أرقام الوزير تكلف وحدة الدم حوالي 60 دينارا منها فحوصات مكلفة مثل الإيدز والتهاب الكبد وغيرها، ويذهب للمستشفيات الخاصّة حوالي 50 ألف وحدة دمّ يستخدم منها فعلا 25 ألف وحدة، ولوح الوزير بفواتير في يده قائلا: نحن نعطيكم الوحدات مجّانا، لكن حسب فواتيركم، فأنتم تتقاضون على كل وحدة تعطى لمريض من خمسة الى ثلاثين دينارا وأحيانا خمسين.
في الاجتماع لم يعد اي من الحضور أو ممثلي المستشفيات الخاصّة للاحتجاج على القرار ابدا، بل تمّ تبادل التوضيحات حول الضجّة التي حدثت، وقال د.فوزي الحموري إن ردّ المستشفيات الاحتجاجي جاء لأن الوزارة بررت الرفع بمسؤولية المستشفيات الخاصّة عن الهدر. وتابع الوزير شرح الأرقام بأن القطاع العام الصحي يغطي الأغلبية الساحقة من المواطنين الاردنيين بالتأمين، بينما يدفع غير المؤمنين ما لا يزيد على 13 % من كلف العلاج، وتتولى وحدة المعالجات الطبّية في الديوان الملكي تلبية كل طلب آخر لتغطية العلاج، وبالتالي لن يشكل المبلغ على وحدات الدم اي عبء، ومن يرغب وقادر على العلاج في المستشفيات الخاصّة على حسابه فلن يشكل الرسم على وحدات الدم حصّة مهمة من الفاتورة. بعض الأطباء رد: بل تصبح عبئا في حالات خاصّة تحتاج الكثير من الوحدات تصل أحيانا الى العشرات، فأجاب الوزير: سنعفي كل حاجة تزيد على 5 وحدات، فهذه تعتبر حالة طوارئ استثنائية وهدفنا هو منع الهدر فقط.