زاد الاردن الاخباري -
بعد إطلاقها مجموعة القيادة العربية للاستدامة في أيار (مايو) العام 2008، شاركت جلالة الملكة رانيا العبدالله أمس مجموعة من رجال الأعمال المصريين في إطلاق الفرع المصري للمجموعة لتكون أول فرع عربي يتم إشهاره في المنطقة العربية.
وفي كلمة لجلالتها خلال إطلاق المجلس المصري للاستدامة وبصفتها رئيسة مجموعة القيادة العربية للاستدامة وبحضور وزير التجارة والصناعة المصري المهندس رشيد محمد رشيد ووزير الدولة للتنمية الإدارية الدكتور أحمد درويش قدمت جلالتها الشكر للجمعية المصرية لشباب الأعمال وللسيد حلمي أبو العيش على الدور الذي يقومون به في التنمية المستدامة، ورفع مستوى التنافسيّة في مصر.
وقالت جلالتها "لم يعرف العالم في تاريخه عصراً كعصرنا هذا، في سرعته، وتشعّب وتداخل تحدياته وفرصه. ومع تطور العصر، تغيرت سياساتنا الاقتصادية والاستراتيجية، لتواكب هذا التداخل. اختلفت الأدوات التي نستعملها في التواصل والتخاطب، وبدأت تتسارع كوقع الحياة من حولها".
وأضافت جلالتها "للأسف، تأخرنا كعرب في مواكبة التطور، استثقلناه فلم ينتظرنا.. تجاوزتنا الثورة الصناعية، والرقمية، والإنترنت.. مليارات الدولارات من الأرباح لم نكن طرفاً فيها.. العالم العربي بأكمله، أكثر من ثلاثمائة وثلاثين مليون شخص، ينتجون أقل من واحد بالمائة من كل ما ترونه على الإنترنت اليوم من مواقع ومواد!!".
وأضافت "نحاول.. نتعلم، نتبنى التقنية لغة حوار لتسهل حياتنا، وتتماشى مع عصرنا هذا، لكنها ستكون دائماً وأبداً لغتنا الثانية، لن نتحدثها ونعيشها بطلاقة أبنائنا.. وهذا ينطبق على العديد من مناحي الحياة التي تبدو غريبة علينا الآن، ستصبح جزءاً لا يتجزأ من يوم أطفالنا".
وأشارت جلالتها إلى مستقبل الاستدامة قائلة "لن تكون الاستدامة في المستقبل، بأوجهها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، خاضعة لاستراتيجية انتقائية من بعض الشركات، ولن تبحث قبل أن تُطبق، بل ستكون في صلب طريقة تعامل الشركة. وسيظل السؤال الأول دائماً: هل طعامنا، بناؤنا، موارِدُنا، طاقتنا، تعليمنا.. مستدام؟".
وتساءلت جلالتها "وأين سيقف العرب من هذا؟ هل نستطيع اللحاق بالركب من جديد؟ أم نتعثر بينما ينطلق الآخرون؟ ما الذي يَحول دون أن نكون في المقدمة هذه المرة؟".
وتحدثت جلالتها عن التحديات التي تواجه الوطن العربي "نعم لدينا مشاكل كبيرة لكننا يجب أن نتوقف عن استعمالها عذراً ينعكس على جميع جوانب حياتنا.. فالحلول لا تقعدها أو تعجزها قلة الحيلة!".
وعلقت جلالتها "قد لا تكون معظم حكوماتنا العربية حيث نريدها.. لكن هذه الآفة ليست حكراً علينا.. فقمة كوبنهاغن أثبتت تخاذلاً عالمياً لدى الحكومات، والجهات الوطنية المستقلة، ونظامنا الدولي ككل في الاستجابة بالسرعة والفاعلية لتحديات العصر، وفي حين تتشابه الحكومات في بطء سفن التغيير في دولها، تتشابه الشعوب بأنها تهب بسواعدها لتجديف قوارب النجاة. وكثيرون حول العالم قرروا أخذ زمام المبادرة لتغيير واقعهم إلى الأفضل.. بينما ما زلنا في العالم العربي نجلس على سفن الحكومة، آملين أن تهب رياح التغيير بين سارياتها لتحملنا إلى واقع أفضل".
وأضافت "ما نحتاجه هو تغيير جذري في طريقة تفكيرنا.. في توقعاتنا من أنفسنا وما نستطيع تحقيقه.. قدرتنا على التحديث والتطوير، والإيمان بأهمية أفكارنا".
وقالت جلالتها "وفي الوقت الذي نطالب فيه بهيكلة عالمية جديدة تعالج مشاكلنا المجتمعة، نطالب أيضاً بتطبيقها داخل بلداننا.. أن نوقع عقوداً جديدة، عقوداً قائمة على فكرة الاستدامة، بين شركاتنا وحكوماتنا، وشركاتنا وموظفيهم، وشركاتنا ومجتمعاتها.. عقودا أساسها الشفافية والمساءلة، عقوداً قائمة على الوعد بأن تكون المنفعة العامة جزءاً من أرباح الشركات.. إن استثمارات القطاع الخاص لا تقبع في حساب مصرفي بل تدور في محيطه، في مدارسه وملاعبه، وبين وديان وجبال وسهول البلدان التي يعمل فيها.. أن يكون للشركات دورها في تنمية مجتمعاتها، وتعليم أبنائها وتأهيل وتشغيل شبابها وشاباتها".
وعلقت جلالتها أن "الاستدامة فرصة.. ليس فقط لاقتحام أسواق جديدة تشترط تلك المعايير لدخولها، بل فرصة لغرس الولاء لسلعتك وخدماتك.. فرصة لتطوير مهارات العاملين في شركتك والجيل القادم من العاملين فيها.. هي فرصة للقطاع الخاص ليثبت أنه جزء من مجتمعه، ويد فاعلة في حل مشاكله".
وأشارت إلى تأثير الاستدامة على مؤسسات القطاع الخاص قائلة "إن الثقة، التواصل، والمساهمة.. هي أسس الربح الحقيقي، هي القناعة بأنك حين تخدم مجتمعك فإنما تخدم نفسك، إن المنفعة الخاصة والمنفعة العامة مخططان دائريان يتقاطعان في مساحة أكبر بكثير مما تتصور، أكبر بكثير من مساحة الهلالين خارج تلك الرقعة المشتركة".
وفي نهاية كلمتها طالبت جلالتها الحضور "يجب علينا أن نعيد التفكير فيما نعرف، فيما نجزم، في قواعد اللعبة التي استوردناها ولم نُصدرها بعد.. فالوقت كالنهر الجاري، لا تستطيع أن تلمس المياه نفسها فيه مرتين.. فنلمس جميع قطراته ولو مرة واحدة".
وكان حلمي أبو العيش وهو أحد أعضاء الجمعية المصرية لشباب الأعمال قد استعرض الأهداف المرجوة من الاستدامة ومجالات عملها باعتبارها وسيلة لزيادة القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات الأعضاء فيها.
وأكد أبو العيش وهو أيضا أحد أعضاء مجلس أمناء مجموعة القيادة العربية أهمية عمل تقارير الاستدامة مشيرا إلى أن مؤسسة نهر الأردن التي ترأسها جلالة الملكة رانيا تعتبر المؤسسة غير الربحية الأولى على مستوى الوطن العربي التي أصدرت تقريرا للاستدامة.
وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله وزعت شهادات العضوية على ممثلي 38 مؤسسة هي مؤسسات القطاع الخاص الأعضاء في المجلس، والذين التزموا بمجموعة من النشاطات المتعلقة بالاستدامة والتي تغطي زيادة الوعي وتبادل المعرفة، دعم وتشجيع القيادة المستدامة، وتشجيع التعاون العالمي في مجال الاستدامة والقضايا ذات الصلة.
ويأتي إطلاق الفرع المصري من المجموعة على هامش المؤتمر السنوي السابع الذي تنظمه الجمعية المصرية لشباب الأعمال ويُقام تحت رعاية السيدة سوزان مبارك. ويشارك في المؤتمر مجموعة من كبار المسؤولين والشخصيات العامة ورجال الأعمال والاقتصاد، ويناقش المؤتمر دور التنافسية في تحقيق التنمية المستدامة.
وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله أعلنت عن تشكيل مجموعة القيادة العربية للاستدامة والتي تعتبر أول مجموعة من نوعها في المنطقة للالتزام بالاستدامة خلال كلمة لجلالتها في مؤتمر المبادرة العالمية لإعداد تقارير الاستدامة في أمستردام.