ان الحكومة التي اقرت اتفاقية التعاون مع المانيا لإنشاء الجامعة الالمانية الاردنية، تتحمل كامل المسؤولية لما تسببت من هدر للمال العام، وشكلت ميزانية الجامعة عبئا على خزينة الدولة وعلى كاهل المواطن من اجل توفير قبولا للدراسة في الجامعة لأبناء الاغنياء الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على مقعد من خلال القبول الموحد في الجامعات الرسمية، وحرمان باقي ابناء الوطن الدخول اليها، لعدم قدرتهم على تكاليفها العالية، ولتصبح هذه الجامعة خاصة بأبناء الاغنياء والطلبة الوافدين، والاغرب من ذلك فقد تعاملت ادارة الجامعة مع ابناء هذا الشعب الطيب بأسلوب فوقي استعلائي لتحرم الناس حقوقها، ولتخفي حقيقة واسباب انشاءها، وكأنهم يقولون "المال مال ابونا وحنا حرين فيه".
ان اصرار ادارة الجامعة على اقناعنا بأن هناك مساعدات المانية، وتتجاهل ما تقدمة الدولة الاردنية لهذه الجامعة، وعدم اكتراثها بمعاناة الطالب الاردني، أو اعترافها بحق المواطنة لابن العامل والعسكري والبدوي والفلاح ليتمكنوا من الدراسة فيها، فما ذنب الطالب ليدفع كلفة دراسة اللغة الالمانية رغم انها لا تُحسب بالمعدل، بل وتُؤخر تخرجه؟ هل هذا هو التميُز الذي يتحدثوا عنه وتأسست الجامعة من اجله؟، فالكل يسأل عن رسالة هذه الجامعة، هل هي تأسست لتخدم ابناء الاردن عموما أم ابناء الاغنياء فقط؟ أو انها فعلاً تأسست لتسويق اللغة والثقافة الالمانية على حساب شعبنا؟.
اما الطرف الاخر من الشراكة المانيا، فقد حقق المفاوض الالماني انجاز بدون عناء في نشر لغة وثقافة بلدة في الخارج ودون أي التزام، وبدون منةٍ ولا تباهي امام قيادته ولم يسمع الشعب الالماني عن انجازاته عبر وسائل الاعلام المختلفة كما يفعل مسؤولينا، رغم تحميلهم الوطن اعباء اضافية فوق اعباءه، الا انهم تغنوا وتحدثوا عن انجازات وهمية ليس لها مثيل، وكما يفعلوا دائماً عند فشلهم في مشروع ما، او تسببوا في ضياع للمال العام، تهربوا من مسؤوليتهم تجاه هذا الفشل، ويذهبوا فورا للقول ان هذا صدرا ما بإرادة ملكية سامية او بدعم جلالة الملك والحكومة وغيرها من العبارات للاختباء خلفها من المحاسبة والمسائلة، ولكثرة انجازات ادارة الجامعة للوطن، ذهبوا لينسبوا رفع طلابنا العلم الاردني بأعالي جبال الالب، كإنجاز لإدارة الجامعة ورسالتها، ونشروه بكل الصحف ووسائل الاعلام، مع ان هذا سلوك عفوي من هؤلاء الطلبة، ونابع من تربيتهم البيتية لحبهم لوطنهم وتباهييهم فيه .
اما عن جامعاتنا الرسمية والخاصة التي نفاخر بها امام كل العالم كله، الا ان ادارة الجامعة الالمانية تحاول ان تقلل من شأن جامعاتنا وخريجيها الذين اثبتوا للجميع وفي كل المجالات التي عملوا بها بكل اقتدار، في مؤسسات وشركات ومصانع عالمية متقدمة، من دون ان يتعلموا اللغة الالمانية او يذهبوا اليها او لغيرها، ومن غير ان تتحمل الاردن سنويا عشرات الملايين زيادة عن نفقات أي جامعة رسمية اخرى لخدمة تدريس اللغة الالمانية، ومن غير جزية تتجاوز ال 15 الف دينار يصرفها طالب بألمانيا، فتذهب العملة الصعبة هدية لألمانيا، ويخسرها الوطن والمواطن ونحن بأمس الحاجة اليها .
اُقر قانون الجامعة الالمانية في مجلس النواب 14، وكُنت مع اقامة هذه الجامعة على اراضي محافظة مآدبا، ولكن ليس بهذا الاسم ولا بهذه الرسالة، حيث تفاجئنا بعد مباشرة عملها، ان المرافعة التي عرضها وزير التعليم العالي في حينه لإقناع المجلس، بأن هذه الجامعة ستحقق قفزة علمية وعملية في الاردن، دون ان تتحمل الخزينة أو الطالب الاردني أي كلفة، وأكد ان الحكومة الالمانية ستغطي كامل تكاليف الطالب من بعثات دراسية للسفر شهر كل سنة الى المانيا لتقوية لغة والاطلاع على ثقافة المانيا وكذلك تكاليف سنة الدراسة والتدريب فيها، وستقوم الجامعة بتأمين مقبولات للطلبة بأعرق الجامعات والتدريب في افضل الشركات والمصانع الكبرى، وتغطي الاتفاقيه مبادلة الدين الاردني للحكومة الالمانية، وهذا ما خلق توجه في مجلس النواب للإقرار قانون الجامعة ولكن بصعوبة تحت هذا المسمى .
وبعد ان افتتحت الجامعة تفاجئ الجميع اننا قد خُدعنا بهذه الاتفاقية والتي لا تغطي اي شيء مما أوضحه الوزير امام مجلس النواب، وباتت تتحمل الدولة والطالب نتائج هذه الاتفاقية التي كلفت الاردن مبالغ طائلة بدون أي مبرر، ورافقه اصرار شديد على الابقاء على هذه الاتفاقية رغم تنصل المانيا من مبادلة الدين والالتزامات الاخرى، وقد نبه الكثير من اولياء الامور وبعض المسؤولين وبحضوري رئاسة الجامعة ورئيس مجلس الامناء فيها لهذا الخلل ولكن دون جدوى، وكذلك تمت مفاوضات طويلة مع القيادة العامة للقوات المسلحة والتي في النهاية اسفرت عن وقف ارسال ابناء العسكريين للدراسة فيها، والادهى من ذلك انهم برروا عدم تطبيق القبول الموحد على الجامعة كونها تقبل فقط الطلبة المتميزين بعد اجتيازهم امتحان للقبول وهذا ادعاء غير صحيح، فالجامعة تقبل أي طالب حصل على معدل 80 في التوجيهي بأي تخصص شرط قبوله دفع الرسوم المقررة وتوقيعه تعهد بالالتزام بتغطية تكاليف التدريب في المانيا، دون ان يقدم الطالب أي امتحان للقبول بالجامعة كما تدعي ادارتها.
في الختام فأنني اعتبر هذا المقال والمقال السابق ورد الجامعة عليه، كرسالة اوجهها لدولة رئيس الوزراء القاضي العادل ليقضي ويعالج هذه المعضله الوطنية بامتياز، اما بتعديل الاتفاقية أو بإلغائها، لوقف النزيف الحاصل للمال العام وضياع اموال الشعب، ووقف التمييز الطبقي الذي لا يعقل ان يمارس في مؤسسة اكاديمية ورسمية ...
حما الله الاردن وشعبة وقيادته وخلصه من كل القيادات التي سقطت عليه بظروف طارئة ....