الكل يرجو .. الكل يأمل .. الكل يظن أنه على خير .. ولكن من يعمل حق العمل
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا \" الأحزاب(72)
نداء استغاثة لمن لا زال يملك السمع والعقل, أين العقول؟ وأين الفكر المتحضّر والفهم والسياسات المرسومة التي معظم شعاراتها النهوض بالأمة وتحسين الأوضاع جميعا ابدأها بالمدنية والاجتماعية واختمها بالسياسية؟-
اكتفينا من شعارات فارغة لا تخدم إلا أصحابها بحيث أصبحت الموازين غير متكافئة فنجد في المجتمعات من هم وصلوا حدود الريح ومنهم من هو مدفون بالتراب لا يجد الرغيف , والذي يحزننا أن من وصلوا لأعلى المناصب ليست كلها بجهودهم الشخصية ولكنها بالتسلق واستنزاف لدماء الكثيرين وأقواتهم , والأدهى أنهم يتنادون ويشجبون كافة الاستعمار لاستهدافهم الإنسانية بكل مكان متناسيين أنفسهم الذين يستهدفون الإنسان بلقمة عيشه واستقراره – من المسئول عن هذا التوزيع الغير كفؤ بالطبع ليس الله سبحانه وتعالى فقد خلق الإنسان بأحسن تقويم وكرّمه ولكن هذا الإنسان تلاعب بخلق الله وفكره وأدخل هوى النفس وحب الدنيا الغير محدود وإتباعه للشهوات وخطوات الشيطان حيت ستكون نهايته أسفل السافلين إن لم يتدارك نفسه.
إحدى القضايا التي سمعتها مؤخرا مرفقة بالوثائق الثبوتية وغيرها الكثير مثلها (البعثات التعليمية) عن طريق وزارة التربية والتعليم فقد قدمت الحكومة مشكورة بعمل ملف خاص للطلبة الراغبين بالدراسة على نفقتها مقابل الالتزام بالعمل لديها حال الانتهاء من الفترة المعدّة للدراسة خطوة جميلة وراقية للحكومة تسعى للنهوض بالتعليم ومساعدة الطالب الذي لا يستطيع تحمل نفقة التعليم الجامعي ولكن.....
من الجهة المسئولة عن توزيع الطلبة وبأي منطق يتم التوزيع فنجد أن صاحبة القضية المذكورة وغيرها الكثير أيضا من سكان الشمال وبعثتهم من دوائرهم ويكون التوظيف لهم بالجنوب وبأماكن لا يعلم بها إلا الله منها المنعزل عن الناس ومنها الواقع على الحدود وغيرها ولن أتطرق للمسكن المرافق لهم هذا إن وجد – ربما يكون الجواب لدى بعض المسئولين أن لا شواغر إلا بتلك المناطق ونقول نعم كلام صحيح ولكن...
أين التخطيط المسبق لمثل تلك العملية منذ بداية انتساب الطالب ومن منطقته إلى نهاية انتهائه من الدراسة ومن ثم توزيعه ؟ أين الجوانب النفسية والإنسانية والعادات والتقاليد بإرسالهم إلى تلك المناطق الشبه منعزلة وخصوصا الفتيات التي لا تستطيع مفارقة الأهل لظروف كثيرة ؟ وأين الغيرة الإسلامية على أعراض الناس ؟ لو وضع المسئول نفسه بتلك التجربة هل سيرضى لابنته التي سعت وتعبت واجتهدت لتكون بقدر تلك البعثة أن تشوب فكرها صورة غير مشرّفة عن القوانين والسياسة الموضوعة من قبل الحكومة ؟ تساؤلات كثيرة ولا أجوبة فكثير من الملفات المغلقة التي لا تجد الآذان لتسمعها ولا العقول لتدارسها فيوجد مواضيع أكثر أهمية للبحث فيها مثل الحفاظ على الكرسي والمنصب وعمل المصالح الشخصية والمحسوبية وغيرها ولا مكان للإنسان المواطن الذي هو أغلى ما نملك (شعارنا الذي نعتز به) !!!!. وقضايا كثيرة وفي كل القطاعات مخزونة بالعلب ولا تجد الضمير الحي الذي يخرجها إلى النور لتأخذ حقها ودورها بالمجتمع لتندرج تحت المواطنة الصالحة التي تسعى للنهوض بالأمة والتعاون ما بين المواطن والمسئول.
كفّتان للميزان غير مستوية, العدل فيها مفقود, وحين يُفْقَد العدْل تُفْقَد رحمة الله فتكثر الأوبئة الصحية والاجتماعية والسياسية على حد السواء , أبناء المجتمع الواحد الذي من المفترض أن يكونوا كالجسد الواحد المتراص فعوضا عن التكاتف لمواجهة أعداء كثر من حولنا نجد أننا نسعى لمحاربة أنفسنا والاستعداد للمزيد من المشاحنات ورمي التهم والغدر على بعضنا.
أيها المسئول الكريم احفظ الله الذي منّ عليك بالإسلام والعلم والمنصب وفضّلك على كثيراً ممن خلق تفضيلاً.. واسأله الرحمة والمغفرة و القبول .. وإلا.. وحق من سيجعل الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سيأتي عليك لا محالة يوماً تتمنى أن ترجع للدنيا فتعمل صالحا ًفلا تستطيع, تتمنى أن لم تكن قد خُلِقْت ولم تكن شيئاً فلا تستطيع, تتمنى أن تكون ذرة من تراب الجبال فلا تستطيع, تلك الجبال التي أبت أن تحمل الأمانة وحملتها أنت أيها الإنسان وكنت بها ظلوما جهولا , وكان وعد ربك مفعولا , قال تعالى \"إنا أنذرناكم عذابا قريباً يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً\"