ثلاثة أيام رائعة من أمطار الخير أنعشت النفوس، لكن لم يكن الأمر كذلك للعاملين في تلفزيون (atv) المعتصمين أمام المبنى المغلق دونهم، منذ أن تقرر وقفهم عن العمل، وقد زادهم الجو البارد الماطر كآبة على كآبة، موظفين وكوادر مؤهلّة أذلّها الانتظار والقنوط على باب التلفزيون.
أمس وصلتهم كتب الفصل من العمل، وفق ما سمعنا منهم، أو كتب التخيير بين الفصل أو أخذ إجازة من دون راتب، بحسب السيد طلال العواملة، مدير المركز العربي للإنتاج آخر المالكين للمشروع، الذي يتعطّل انطلاقه منذ سنوات.
لا حاجة للعودة إلى التاريخ المعقد والإشكالي لتلفزيون (atv) حيث تداخل المالي مع السياسي مع تعاقب جهات مختلفة على مراكز القرار تعاقبت معها وجهات النظر، والمهم أن الأمر انتهى بشراء المركز العربي للمشروع، إذ تمت إعادة تحديث شاملة للمبنى والأجهزة والاستوديوهات بحيث يمكن إطلاق أفضل قنوات تلفزيونية على المستوى العربي.
لكن الواضح أن صفقة البيع لم تصفّ تماما كل ذيول الوضع السابق، فقد بقي للدولة نسبة 13 % من الأسهم لم يتمّ التفاهم على قيمتها (بحسب العواملة فقد سلّموا في النهاية لرأي الدولة)، إضافة إلى ديون استئجار موجة البث التلفزيوني الأرضي التي لم تستخدم أبدا، في حين تمّ تسوية قضية الموظفين بعد نزاع طويل، بل إن الشركة الجديدة أعادت استخدام موظفين كانوا قد تركوا المحطّة في مراحل سابقة. لكن الخلاف عطّل انطلاق التلفزيون، ودارت أقاويل، وكنت تسمع تلميحات عن مصالح لا تتسم بالشفافية، لكنّ المالكين الجدد ينفون وجود أي شيء من ذلك، وأن ورطتهم مع الدولة بهذا الاستثمار هي فقط التعطيل وعجز المسؤولين عن اتخاذ القرار.
مع حكومة السيد سمير الرفاعي ظهر توجه جديد لاستعادة الدولة للمشروع، لكن هنا أيضا ظهر خلاف حول القيمة، وحسب العواملة أيضا فلم تحدث أي مفاوضات حقيقية فقد “طلبنا مذكرة تفاهم بعد أن وافق الرئيس شفويا على دفع الدولة للكلف”.
ثم “لم يحدث شيء طوال شهر ونيف ونحن لا نعرف المصير، فليس مصرحا لنا أن نباشر البثّ على الرغم من جاهزيتنا ولا نعرف إذا كانت الدولة ستشتري، وعلينا أن نستمر في دفع رواتب الموظفين! وهذا نزيف مستحيل”.
لم نسمع أي وجهة نظر حكومية، ويقال إن الملف عند الرئيس حصريا، والرئيس بالتأكيد لديه ألف قصّة وقصّة وتتزاحم على طاولته الأولويات، ويمكن للأسابيع ثم الشهور أن تمرّ والخسارة مستمرة وفادحة مع تقادم وخراب التجهيزات الموجودة.
الحسم يجب أن يتمّ اليوم قبل الغد، والحسم حتما يجب أن يكون لصالح انطلاق هذه المؤسسة التي تستطيع تقديم عدّة قنوات كقطاع عام أو خاص أو مشترك، فلديها بنية تحتية جاهزة ومتطورة للغاية قادرة على تقديم خدمات متنوعة، وهي بالمناسبة تستطيع أن تعوض بنسبة كبيرة تردّي البنية التحتية للتلفزيون الأردني الرسمي.
يستطيع الرئيس أن يكلف جهة فنّية ومالية بالتفاوض من أجل حلّ عادل للجميع، وهذا سيكون ميسرا لكن يجب حسم القرار بشكل عاجل.