إذا صح أن مجموع مديونية الأردن الداخلية والخارجية قد تجاوز السقف القانوني المقرر في قانون الدين العام وهو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، فهذه مسألة هامة تستحق الوقوف عندها. فإذا كانت الحكومات لا تلتزم بالقوانين التي تضعها لنفسها فكيف تلتزم بالخطط والاستراتيجيات غير الملزمة، وما قيمة القانون إذا لم يكن واجب الاحترام.
بموجب التقرير الشهري الأخير لوزارة المالية بلغ رصيد الدين العام في نهاية تشرين الثاني الماضي 5ر59% من الناتج المحلي الإجمالي، فإذا كانت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي مبالغاً فيها قليلاً، فإن النسبة ترتفع إلى الحد المسموح به، ولكن الشهر الأخير من السنة شهد إضافة كبيرة للمديونية ترفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي فوق سقف 60%.
حتى الآن يمكن التحايل على الوضع إما بتوظيف أسعار الصرف الجارية لتخفيض قيمة المديونية الخارجية بالعملات الأجنبية غير الدولار، أو المبالغة في تقدير الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2009، ولكن ماذا عن عمليات الاقتراض المقررة في 2010؟.
ليس هناك من حل سوى تحقيق نسبة نمو عالية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، وهذا يتطلب أمرين: أولهما تحقيق نسبة نمو حقيقي لا تقل عن 5% في سنة 2010، وثانيهما رفع معدل التضخم ليصل إلى 5% أيضاً، فإذا تحقق ذلك فإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية سوف تهبط إلى ما دون السقف القانوني المقرر.
السؤال الآن ما إذا كان ممكناً تحقيق نسبة نمو عالية في 2010 التي تصفها بعض المصادر الحكومية بأنها سنة صعبة، وما إذا كان من المفيد أن تسمح الحكومة والبنك المركزي بارتفاع معدل التضخم بالرغم مما يعنيه ذلك من المساس بالاستقرار النقدي فضلاً عن زيادة الضغط على ذوي الدخل المحدود الذين يتوقعون تحسناًً في مستوى معيشتهم وليس ارتفاع أسعار السلع الضرورية.
قانون الدين العام لا يفرض عقوبة معينة على مخالفة أحكامه، فهل يعني ذلك أن القانون ليس أكثر من مؤشر غير ملزم، ولا يترتب على مخالفته شيء؟.
إصدارات الدين العام التي تطلبها وزارة المالية ينفذها البنك المركزي، وعليه في كل مرة أن يطلب دليلاً على أن الإصدار المطلوب لا يخالف قانون الدين العام.