من يقرأ رد حماس على تقرير "غولدستون" سيتوقف طويلا امام حجم الرشاد السياسي الذي تتبناه الحركة في ردها على الامم المتحدة ويكتشف اكثر ان ازمة الحركة ليس في ثنائية خطابها الوطني فقط بل في حجم ومنسوب رغبتها السلطوية وانتظار البساط الاحمر الذي يتلهفه مكتبها السياسي كما تؤشر سلوكيات هذا المكتب ورئيسه على وجه الحصر الذي استطرف مسك ايادي الرؤساء والتلويح بها.
الحركة وفي ردها غير "المعمم" على كثيرين من الشارع العربي والفلسطيني يتطابق تماما مع خطاب السلطة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها الى اليوم ، فالحركة تدين استهداف المدنين الاسرائيليين ، وتعترف بان صواريخها سياسية وتستهدف الاضاءة وتكريس الحضور واثباته ، والتزمت بمنعه التزاما يصل حد "قطع يد من يطلق الصواريخ" كما في تصريح حكومة غزة ، وهو الاسم الذي انشئت به رسالة الرد الى الامم المتحدة؟ فلماذا التنمر والغي.
حماس اختارت لغتين في خطابها اسوة بكل الحركات السياسية حتى لا نظلم الحركة كما ظلمت هي الحالة الفلسطينية برمتها من خلال التسويف في المصالحة والمماطلة ، التي بدت في اول الامر بحكم جذرية المقاومة ، قبل ان تكشف رسالة الرد انها سياسية بامتياز مما يسقط عن الحركة ثوبها "الملائكي" الذي اشرت الى ضرورة خلعه في مقال سابق ، فهي حركة سياسية تحمل شعار الساسة "اذا لم تكن في السلطة فاحرص على الاقتراب منها" وعلى الحركة ان توحد خطابها وان تكف عن العبث بالوحدة الفلسطينية والمصير الفلسطيني اقلها على حدود الرابع من حزيران وان تتوقف عن التفكير والعمل على ثنائية الدولة "الضفة وغزة" كما اشار وزير عدلها في توقيعه الاخير على رسالة الرد الا اذا كانت الحركة تنتظر انقلابا في الضفة يفضي الى توحيد المرجعية حتى ولوعلى حساب القضية كلها.
فالسلوك الحمساوي لا يستهدف وحدة الصف الفلسطيني بقدر استهداف توحيد المرجعية السياسية فبدل ان تبقى ترويسة الاوراق "السلطة الفلسطينة حكومة غزة" تصبح السلطة الفلسطينية وحكومتها بصرف النظر عن الثمن الوطن والقومي.
كان الاسرائيليون قديما لا يثقون بالراحل ياسر عرفات بحكم انه يطلق تصريحات هادئة وسياسية لكن يقوم بعكس اقواله فيدعم حركات التطرف حسب المصطلح الاسرائيلي ويدعم العمليات العسكرية.
الان نحن امام تصريحات معاكسة فحركة حماس تشبعنا نحن مقاومة ووعودا بالثأر لدماء الشهداء في حين تبدع في استحضار الرشاد والالفة في ردودها على الامم المتحدة وتعترف باسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية التي لا تعترف بها حماس ابتداء.
واما الثأر للشهداء فقد توقف عند عتبات المنابر وقبيل اطلاق مراسم الافراح بزواج بالانجال بعد اسبوع من اغتيال المبحوح.
ثنائية حماس تخدم اجندة الحركة وحدها وشوفينيتها ولا تخدم المشهد الفلسطيني كما كانت ثنائية الشهيد ياسر عرفات الذي لم يسلم من نارية تصريحات الاخوة في حماس كما لم تسلم من تصريحاتهم وبنادقهم الفصائل الفلسطينية كلها ، فالشعب الفلسطيني لن ولم يقدم الشهداء من اجل بساط احمر يسير عليه بعض خيلاء حماس الذين باتوا يشتمون ليس في التصريحات فقط بل على شاشة الفضاء التي ترى في انحراف حماس الوطني جهادا.
omarkallab@yahoo.com