يعتبر امتحان شهادة الثانوية العامة «التوجيهي» في الأردن امتحانا ذي أهمية وله سمعته الدولية والعربية والإقليمية، فهو امتحان يحدد مسار الطالب ويحدد وجهته التعليمية ويرسم مراحل مستقبل أجيالنا، تتخلله رهبة وفرحة وحزن وله احترام شديد في مجتمعنا المحلي حيث تقام فيه الأفراح للناجحين لدرجة ان يوم إعلان النتائج يكون له اجتماع على مستوى العائلة كما ويلغي المواطنون جميع ارتباطاتهم استعدادا لإعلان النتائج كما حدث في السنوات الماضية أما ما حصل في امتحان الدورة الشتوية لهذا العام فقد ألغى كل ما سبق ذكره.
ما حدث هذا العام في امتحان الثانوية العامة شيء لا يصدق وشيء لا يقبله العقل ولا يقبله اي إنسان خاصة عندما يشاهد حالات الغش التي لا تعد ولا تحصى، لدرجة أن حالات الحرمان وصلت إلى أكثر من الف وسبعمئة حالة قام خلالها الطلاب بأنواع مختلفة وطرق غش لم نكن نسمع بها سابقا ... نعم تسربت الأسئلة قبل أعوام ونجح من نجح ورسب من رسب، ومرة سابقة تم تسريب الأسئلة لبعض المدارس الخاصة، وأدى ذلك أن يقوم الكثيرون بفتح مدارس خاصة وهي الآن من اكبر المدارس، وحينها رضي الشعب الأردني بمهزلة التوجيهي في ذلك العام.
ما حصل في هذه السنة وفي هذه الدورة الشتوية يجب ان لا يمر مرور الكرام، ويجب محاسبة كل إنسان شارك في هذه المهزلة ومحاكمة المتورطين محاكمة عادلة ليعرفوا ماذا فعلوا بأبناء الشعب الأردني.
نعم حصل ما حصل في سنوات سابقة وقبلها الشارع لدرجة ان والد أحد الطلاب تحدث في جلسة عامة أمام بعض المواطنين انه نصح ابنه ان يترك سؤالا او سؤالين دون إجابة حتى لا يصبح ابنه من العشرة الأوائل وتتم استضافته في برنامج يسعد صباحك، وقالها بالحرف الواحد السنة التوجيهي سلق بيض وعندها ضحك الجميع من قوله لدرجة ذرف الدمع، وصدق المثل القائل:" شر البلية ما يضحك".
هنا تحضرني الأحداث الجارية منذ انطلق العام الدراسي فمرة يؤجل امتحان الثانوية بسبب تصادف الامتحان مع الانتخابات البلدية مع ان الانتخابات تم تأجيلها ومرة يتم تعديل الخطط الدراسية والامتحانات ومرة تكثر أساليب الغش وتتعدد في جميع أنحاء المملكة ومرة يتم تسريب بعض الأسئلة لبعض المواد ومرة لأسباب أمنية يلغي خبر تم نشره يفيد انه تم إلغاء امتحان السبت والأربعاء ثم يتم اعتماد موعد الامتحان السابق ومرة أخرى يتكرر المشهد ليعود بقوة خاصة إكمال الامتحانات وتبدأ مشكلة تصحيح امتحانات التوجيهي، وتبدأ مخاوف الطلبة وأولياء أمورهم من نتائج الامتحان خاصة بعد أن أضرب المعلمون عن تصحيح الامتحانات في بعض مراكز التصحيح المعتمدة، وبعد مرور أزمات الامتحانات والغش والتصحيح ومطالبة الأهالي وزارة التربية للتدخل مرة أخرى وإنهاء هذه الأزمة ويبقى التخوف قائما من حصول ازمة أخرى قد يفتعلها أهالي الطلبة والطلبة برفض النتائج والتظاهر أمام وزارة التربية من كل ما يحدث على هذا الامتحان الذي فقد قيمته لدى المواطنين، فهل من حل سريع لهذه المشكلة ام أن التوجيهي سيبقى هذه السنة كما وصفه ولي الأمر سلق بيض؟ ... ومن يدفع ثمن هذا؟ نريد تدخلا سريعا من وزارة التربية والتعليم او من الحكومة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .