يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم \" مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذي في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لوخرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذي من فوقنا فلو تركوهم وماأرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جمعيا\".
يعتلي بعض المنابر احيانا وخاصة في القرى شباب غير متخصصين في الشريعة الاسلامية والفقة الاسلامي وإذ نشد على أيديهم لسدهم هذا العوز فإن الواجب الشرعي يلزمنا أن نعمل على تسديد خطاهم من أجل النهوض بواقع هذه المؤسسة الدينية و الإعلامية الهامة خدمة لمتطلبات الدين والوطن وفي هذه الجوانب هناك رصد لممارسات خاطئة منها ما هو مقصود قولة او فعلة لغايات خاصة لدى بعض هؤلاء او غير مقصود . فالمنبر يحمل سمات آثار النبوة، ومن قدر له أن يرتقيه فليعلم أنه ينوء بحمل ثقيل، ولن ينجيه من طائلة المسؤولية إلا إعطاؤه المنبر حقه ومستحقه، وهذا لن يتآتي إلا باتباع هدي النبي - صلى الله عليه و سلم - على المنبر لصالح المسلمين والناس عامة.
وإذا أردنا أن نبحث في الهدي المنبري لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - فإننا سنقف على معالم كثيرة، غاية في العظمة تستحق وحدها دراسة مستفيظة، لكن من أبرز هذه المعالم حرص النبي - صلى الله عليه و سلم - أن يكون هدى خطبته دائماً في أمر يجمع المسلمين ولا يشتتهم، ويعمل على رأب الصدع فيهم، ويعالج مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية السائدة في كل حين . ومن هذه الوسائل الابتعاد عن إثارة المسائل الخلافية على منبر الجمعة . فالحاضرين للصلاة لا يحملون فكراً واحداً، وهم -في الوقت نفسه- أمزجة متباينة، يصل أختلافها إلى حد التناقض أحياناً. وإثارة المسائل الخلافية على مسامع هؤلاء بمثابة ايقاظ غير موفق لغرائز فيهم، يفترض أن تكون نائمة ، بغية الحصول على الهدف الحقيقي من المنبر وفوائدة المباركة، والتي منها: سلامة القلوب، وصفاء النيات، وزيادة الألفة، والاتفاق في المواقف،
فلا يكاد ينتهي المصلون من صلاة الجمعة، حتى يتبادلوا الرأي فيما أثاره الخطيب، واحيانا تبدأ المشكلة. عند قناعة بعض المصلين بميول واتجاهات وخطوط بعض الخطباء . لناخذ مثلاً أصول الدين الإسلامي، والخطوط العامة للعبادات ومكارم الأخلاق وبيان آيات الله في الكون والانسان والتوعية بصدد ما يحاك للمسلمين من دسائس، وما يتربص به من دوائر داخل العالم الاسلامي وخارجه ، والواجب الذي يحمله ازاء حركات التبشير والتنبيه على مخاطر العولمة وتداعيتها، كل ذلك وغيره، يعد الحديث فيه مهماً، وعرضه أمام جمهور المصلين، لايثير حساسية ولا يتسبب في إثارة فتنة، ويعمل على تعميق الايمان في النفوس وتثقيف العقول، وضبط ممارسات السلوك، وإيقاد الفكر .
ومنه فالخطبة بالنسبة لكافة المسلمين بمثابة المدرسة والجامعة والمنبر الذي يحاكي وقائع العالم وأحداث الساحة ونوازل الناس المتعددة ليربطها بالشريعة الاسلامية التي سمحت للخطيب أن يتحدث بها وباسمها. ومعناه أن يكون الخطيب مستنهضا للنفوس قوي اللغة والفصاحة ، حياديا بعيدا عن الايحاءات بقضايا تعكس رغباتة وميولة الشخصية احيانا.فيرى بعض المصلين ان كلمات الخطيب تخرج من فمه لا من قلبه، وبالتالي لن تصل لا لقلوب الناس و لا لعقولهم.
فالخطيب يجب ان يحمل هم الدعوة الى الإسلام والغيرة على حال المسلمين والزهد في امور الدنيا. فالله تعالى أعلى مراتب العلماء وجعلهم ورثة الأنبياء، وأمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم فقال تعالى (وقل رب زدني علما)، وقال الحق عز وجل( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكـل شيء عليم). صدق الله العظيم