حقق المتقاعدون العسكريون خلال فترة وجيزة لا تزيد على ثلاثة أشهر انجازا كبيرا يسجل لهم، يتمثل بتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال زيادة رواتبهم التقاعدية، ويأتي هذا الانجاز بعد أن اتفقت اللجنة التحضيرية للمتقاعدين العسكريين مع الحكومة على أن تكون الزيادات في الرواتب التقاعدية تتناسب مع أهمية هذه الشريحة الاجتماعية والدور الذي اطلعت به في خدمة الوطن خلال عملهم في القوات المسلحة، لا سيما وان الاتفاق بين الجانبين يتضمن على أن لا يقل الحد الأدنى لزيادة راتب المتقاعد العسكري عن خمسين دينارا وما يتبع ذلك من زيادات تصاعدية على الرواتب، وفقا للرتبة العسكرية التي يتقلدها المتقاعدون.
هذا الانجاز يعتبر ثمرة للجهود المتواصلة منذ أكثر من ثلاثة أشهر نفذ المتقاعدون خلالها عدة اعتصامات أمام الديوان الملكي ورئاسة الوزراء، وقاموا باتصالات عديدة مع عدد من مؤسسات الدولة بما فيها الديوان الملكي ورئاسة الوزراء والوزارات المعنية بقضيتهم، ولم تفتر جهودهم خلال هذه الفترة لأنهم يدافعون عن حقهم في حياة حرة كريمة لهم ولأسرهم من خلال تحسين رواتبهم التقاعدية، التي هي في مجملها متدنية للغاية وخاصة للجنود والأفراد التي لا تكاد تكفيهم الخبز والماء.
هناك سبب آخر لنجاح المتقاعدين العسكريين يتمثل في اللجنة التحضيرية التي انبثقت عن لقائهم بجلالة الملك والتي قادت هذه الجهود وطوال الفترة الماضية فنظمت العملية أحسن تنظيم، وقامت بالتنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالدولة الأمر الذي أثار إعجاب الجميع وأدى إلى الاستجابة إلى مطالبهم رغم أن بعض الجهات عرقلت جهودهم، وأشاروا إلى ذلك صراحة في عدة بيانات كشفوا فيها النقاب عن هذه الجهات، وطالبوا علنا بإقالة المسؤولين عنها.
ورغم أننا نعترف بحقوق المتقاعدين العسكريين وضرورة تحسين أوضاعهم المعيشية إلا أننا نؤكد أنهم لم يحصلوا على هذه الحقوق إلا من خلال الاعتصامات التي نفذوها سواء أكانت أمام الديوان الملكي أو أمام رئاسة الوزراء، لأن المطالبات والمذكرات والمخاطبات وحدها لا تحقق النتائج المرجوة منها، إذا لم تقترن باعتصامات وممارسات أخرى قادرة على إقناع المسؤولين بعدالة المطالب السلمية.
لقد اثبت المتقاعدون العسكريون قدرتهم على التعامل مع الأحداث ونجاحهم في إدارة معركتهم المتعلقة بحقوقهم المشروعة في العيش الكريم وتأمين التعليم والعلاج والغذاء لأبنائهم فكانوا بذلك قدوة لمختلف الجهات والشرائح الاجتماعية التي تطالب بحقوقها سيما وأنها قدمت خدماتها الجليلة والطويلة للبلاد طوال سنوات عطائها وإنتاجها.
إننا اذ نهنئ المتقاعدين العسكريين على هذا الانجاز ونطالب الحكومة بضرورة تحسين رواتب المتقاعدين المدنيين بما يتوازى مع المتقاعدين العسكريين .... فهؤلاء شريحة اجتماعية كبيرة سبق وان نفذت اعتصامات أمام رئاسة الحكومة وأمام مجمع النقابات المهنية، وبإمكانهم أن ينفذوا المزيد من الاعتصامات وفي كل مكان، إذا كانت الاعتصامات السبيل الوحيد لتحقيق المطالب المشروعة في مجتمع اعتاد الحراك الاجتماعي وتعود عليه منذ أكثر من عام، وبات على قناعة تامة ان الحقوق لا تمنح وإنما تؤخذ عنوة، الأمر الذي انطبق على حراك المعلمين الذين تمكنوا من خلاله من إنشاء نقابة لهم بعد أن تحفظت الدولة على هذه النقابة عقودا طويلة وتمكنوا كذلك من الحصول على مكاسب وامتيازات مادية تتمثل بزيادة الرواتب والعلاوات بشكل كبير بالإضافة إلى العديد من العاملين في بعض المؤسسات وآخرهم المتقاعدون العسكريين الذين حققوا انجازات كبيرة وبطرق سلمية ولعل المتقاعدين المدنيين استفادوا من تجربة نظرائهم العسكريين وأنهم على استعداد تام لتنفيذ الاعتصامات ومواصلة الحراك الاجتماعي المطلوب لتحقيق المطالب المنشودة.