تتداعى القيم الاخلاقية ، في حياتنا ، والذين لم يكونوا يمتلكون الجرأة لغمز فتاة في الشارع ، ها هم اليوم ، يقفون بسياراتهم عند كل فتاة مُحترمة في شوارع عمان ، خرجت لتوها من عملها او دراستها ، ظنا منهم - للاسف الشديد - انها من فتيات المساومة الرخيصة ، اللواتي يقفن ايضا على الارصفة وفي الطرقات ، ووجوههن من ذات طراز احذيتهن.
الظاهرة جديدة في البلد ، وترى بأم عينيك كيف تتحرش السيارات ببنات الناس اللواتي يُغادرن اعمالهن او جامعاتهن او كلياتهن ويقفن بانتظار سيارة او حافلة للعودة الى المنزل. اسألوا الفتيات اليوم ، كم سيارة يؤشر صاحبها الى البنت للصعود في السيارة ، او يضيئون الضوء العالي للفتاة لعلها تصعد ولعلها تكون من فتيات الشوارع ، او يقفون احيانا الى جانب الفتاة ويفتحون الشباك ويطلبون منها الصعود ، او يُطلقون العنان لبوق السيارة للفت انتباه البنت ، فقد اختلط الحابل بالنابل ، ولم يعد "زناة السيارات" يُميزون بين بنات الناس ، في الاغلب ، وبين فتيات الشوارع ، ليس لان المظهر لا يحكي ، ولكن لان "كلاب الشوارع" لم تعد تترك احدا ، من نباحها وشرها ونتنها ، ورخصها ايضا ، ولو تذكر بعضنا ان اخته او ابنته قد تتعرض لهذا الموقف ، لما اقترب من بنات الناس ، وهن يقفن بشكل طبيعي جدا ، من اجل العودة للمنزل.
علينا ان نتحدث بصراحة. منذ ان دخلت الاتصالات ووسائل الاعلام طرأت تغييرات اجتماعية هائلة. طق عرق الحياء. اين عرق الحياء من الاب او الابن الذين يترك ابنته او اخته تعود في اغلب الايام بالمواصلات وبالامكان اعادتها بالسيارات الواقفة على ابواب البيوت والمكاتب ، او تأمين وسائل مواصلات مستأجرة كسيارات تعيد اكثر من بنت واحدة معا الى ذات المنطقة. هذه ايضا احدى نتائج الاختلاط وعدم القدرة على الزواج ، واحماءات الذكور والاناث معا ، في اماكن الاختلاط ، والبحث عن الحرام كوسائل تعويض عما فات الناس بالحلال ، اولئك الذين لا يردعهم خجل ولا دين ولا اخلاق. الفتيات ايضا سبب من اسباب هذه المشاكل فكل هذا اللباس يجلب الكلاب من كل مكان ، والتي تُقدم نفسها بطريقة تعتبرها عادية ومحترمة ، لا تعرف ماذا تُسبب في احيان اخرى لمن يقود سيارته بحثا عن "قطعة لحم" في الشارع ، فالمشكلة مُعقدة ولها اوجه مختلفة ، وقد صرنا ايضا نشهد بنات الناس يعملن حتى السابعة مساء ويعدن الى بيوتهن مرهقات مستنزفات ، بلا امل ولا حياة ، بعد ان كان مُحرما اجتماعيا في البلد ان تغيب الشمس والبنت خارج المنزل.
في الظن لدى الالاف ممن نرى وممن يتحرشون ببنات الناس الواقفات بانتظار حافلة او سيارة للعودة ، ان كل بنت هي قطعة لحم جاهزة للصيد ، وهو منطق الكلاب العفنة ، وقطط الشوارع ، الذين ينسون ان لديهم اخوات وبنات ، واعراضا ايضا. البارحة امام احدى الكليات رأيت فتاة تقف في موقف الباصات تريد العودة وبيدها حقيبتها وكتبها ، وتوقف لها تسع سيارات متتاليات وانا اراقب المشهد حتى جُن جنون البنت ، وضربت احدى السيارات بكتبها من فرط الشعور بالاهانة ، فلم يعد "كلاب الشوارع" حتى يخجلون من رؤية وجوه بعضهم البعض في هذه المشاهد القذرة. اين شرطة الاداب ، واين حماية هذه التجمعات امام جهات مختلفة من اولئك الذين يظنون ان كل بنت تقف على الرصيف ، قد تكون بنتا رخيصة. السبب ايضا ان الرخيصات يقفن في ذات المواقع ، لصيد الذكور المُنهكين في رجولتهم ، المنهوبين على يد الشيطان ، وقد اختلط الحابل بالنابل.
بصراحة.. وليعذرني الجميع ، لا تتعرض من ترتدي منديلا او جلبابا الى ذات النسبة من المتحرشين في شوارع عمان. للمنديل هيبة. حتى رغم سعي البعض الى تكسير هيبته باقناعنا ان المنديل مع الجينز الفاضح هو لباس شرعي في زمن العولمة هذا ، الزمن الذي يقبض فيه المرء على دينه ، كمن يقبض على الجمر اللاهب ، قليلا من الخجل يا كلاب الشوارع ، وقليلا من الحياء والتحفظ في لباس البنات ، حتى لا تدخل البنت دائرة الشبهة وتلوم الكلاب الجائعة عندها ، فمن فقد الله فماذا سيجد ، ومن وجد الله فماذا سيفقد.
قبل ان تقف لبنت من بنات الناس في الشارع تذكر وجه امك واختك وابنتك.. هذا اذا لم تتذكر وجه الله الذي لا تنام عينه.. أليس كذلك؟.
mtair@addustour.com.jo