زاد الاردن الاخباري -
هل نرسل ابناءنا وبناتنا الى المدارس وهم اغلى ما نملك ليعودوا الينا في يوم ما وقد تعرضوا للضرب والايذاء الجسدي او النفسي ؟!
سؤال مشروع اصبح متداولا بين اسر طلاب بعد تكرار حالات الايذاء الموجهة للطلاب في بعض المدارس وعلى يد معلمين يبدو انهم استبدلوا (العصا) التي كانت في سنوات سابقة حاضرة في مدارسنا ووسيلة عقاب للطلاب باساليب عقاب حديثة لا تترك الما فقط انما عاهة دائمة او كسر في الجسد .
القصه لم تبدأ بالمعلم الذي اقدم اخيرا على ضرب طالب على عينه تعبيرا عن غضبه والمعلمة التي قامت باغلاق فم طفلة بشريط لاصق في احدى الروضات لانزعاجها من كثرة كلام طفلة عمرها اربع سنوات, فهناك قصص سابقة مماثله وان اختلفت معها مكان الاصابة او وسيلة العقاب .
علامات استفهام كثيرة اصبحت تدور حول قدرة المعلم على التعامل السليم مع الطلاب وامكانية السيطرة على غضبه او توتره الناتج من الطلاب داخل الغرفة الصفية التي اصبحت مكانا مناسبا لبعض المعلمين لتفريغ غضبهم وضغوطاتهم على الطلاب الذين يعاقبون على حركتهم الطبيعية او كثرة كلامهم التي تزعج المعلم فيقدم على الضرب المؤذي للطفل .
يقول استاذ الطفولة المبكرة والتربية الابتدائية في كلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية الدكتور ابراهيم المومني ان «المشكلات السلوكية عند الطلاب في المدارس لها اسباب عديدة منها ما يتعلق بالبيئة المدرسية نفسها فالطالب يذهب لمدرسته في الساعة السابعة صباحا ويعود منها في الساعة الثالثة ويخضع الى حصص متتالية بما تحمله من كم معلومات كبير دون ان يشعر بانه يشارك في هذا الامر» .
ويضيف المومني الى «الراي» ان اسلوب التعليم المباشر الذي يقوم من خلاله المعلم بزج المعلومات الموجودة في المنهاج بعقل الطالب دون ان يتم استخدام اساليب اخرى في التعليم كالذهاب الى المختبر والتعليم من خلال مشاركة الطالب ، اسلوب يترك اثارا سلبية على الطلاب بحيث يغيب الانسجام والرغبة بالتعليم في نفوس الطلاب» . واشار المومني الى عدم اتباع المدارس لاساليب تدريس حديثة كأن يتم توزيع الحصص الصفية في قاعات مختلفة بالمدرسة بحيث يشعر الطالب بالراحة عندما يقوم بتغيير صفه مبينا ان نقل الطلاب في قاعة بالمدرسة ليقوم المعلم بشرح مادة كالرياضيات او اللغة العربية يساعدهم على تغيير اجواء الغرفة الصفية التي يبقون متواجدين فيها من بداية الدوام حتى انتهائه بما يتبع ذلك من ضغوطات عديدة يتعرض لها الطالب نتيجة ثقل المناهج عليه وطول الدوام المدرسي .
وقال المومني ان غياب مثل هذه الامور في طرق التعليم في مدارسنا يساعد على بث الملل في نفوس الطلاب الذين يقومون بالتعبير عن مللهم بالمشاغبة داخل الصف وازعاج المعلم .
واضاف ان المعلم اعتاد على التعليم المباشر والتلقين بحيث لا يخرج المعلم عن دوره النمطي بالتعليم فهو ينقل ما يوجد في الكتب المدرسية للطلاب في حين ان دوره اكبر من ذلك مشيرا الى ان المعلم يجب ان يكون دوره اثرائيا للطلاب من خلال طرح اسئلة واثارة عقولهم لا ان يبقى التعليم محصورا بالتقلين فقط .
واوضح ان الوصول الى هذه الامور وتغيير اساليب التدريس يحتاج لفترات طويلة يجب ان نبدا بها كي لا نبقى نشكو من الطلاب وسلوكياتهم داخل الصف مؤكدا ان حل المشكلات السلوكية لبعض الطلاب التي وصفها ايضا بانها -غير مبررة - ليست مسؤولية المعلم فقط بل يجب ان يكون هناك دور بها لاسرة الطالب ولادارة المدرسة للوصول الى نتائج مرضية مشددا على اهمية التعامل السليم من قبل المعلم مع سلوك غير مرض من قبل الطالب لحين ايجاد حلول جذرية لبعض السلوكيات الخاطئة للطلاب لا ان يتم تعنيف الطالب والحاق الاذى به بسبب ما قام به .
وعن الشكوى الدائمة لبعض المعلمين من ان هناك طلابا يتصفون بحركتهم الزائدة داخل الصف وتحويلهم الى المرشدين التربويين في المدرسة بين المومني ان الطفل في مرحلة طفولته المبكرة التي تستمر حتى نهاية الصف الثالث الابتدائي يتصف بالحركة التي تعتبر طبيعية في مرحلته هذه .
واضاف ان الطفل الذي لا يتحرك ويطالب بان يبقى هادئا طوال الوقت هو طفل يعاني من خلل نفسي وشخصية غير سوية مبينا ان الاسرة تعتبر ان طفلها الهادىء مريض مما يدل على ان الطفل الهادىء يحتاج لمعرفة اسباب هدوئه .
واشار الى ان هناك معلمين قادرين على التعامل مع المشكلات السلوكية لبعض الطلاب بطريقة صحيحة من خلال ادارة حوار معهم وتحفيزهم واشراكهم داخل الصف بامور كثيرة تفرغ طاقاتهم وتجعلهم يشعرون بانهم طبيعيون اسوة بباقي الطلاب مؤكدا ان هذه الاساليب الكثيرة في التعامل مع هؤلاء الطلاب تبقى خيارا مفتوحا امام المعلمين بدلا من استمرارية شكواهم او الحاق الاذى بالطلاب .
ونبه المومني الى ضرورة اشراك اهل الطلاب بسلوكياتهم داخل الصف وعدم القاء كامل المسؤولية على عاتق المعلم .
وتطرق المومني الى قضية عدم ملاءمة بعض المنهاج للطلاب مما يسهم في بث الملل في نفوسهم خاصة في المرحلة الابتدائية الاساسية مستشهدا بمنهاج التربية الوطنية الذي يدرس حاليا للصف الثاني الابتدائي ويتضمن اعمال واختصاصات السلطيتن القضائية والتشريعية متسائلا عن مدى فائدة هذه المعلومات للطلاب واقترابها من حياتهم اليومية ، حيث لا تتناسب وعمر الطالب وقدراته ، في حين الافضل استبدال هذه المعلومات بمعلومات اخرى تمس حياة الطالب اليومية وتعامله مع الاخرين بحيث تحقق له فائدة ولا تبعث الملل لديه وتشتت انتباهه داخل الصف .
واشار الى ان ضعف المعلومات في المنهاج وعدم ملاءمتها اسهمت في جعل طلابنا من الصف الاول ابتدائي وحتى الصف العاشر طلابا (اميون ) عقولهم فارغة من معلومات هادفة فالكثير منهم لا يجيد كتابة جملة مفيدة وغير قادر على ادارة حوار ناجح مع الاخرين مؤكدا ان هذه العوامل جميعها تخلق بيئة مدرسية غير سليمة تنعكس على الطالب وسلوكه فهو لا يرغب بالذهاب الى المدرسة ولا يجد في الدراسة اية متعة .
وامام هذه العوامل الكثيرة التي ذكرها المومني عن الطلاب والمنهاج تبقى الاسئلة مطروحة حول مدى اهلية بعض المعلمين في التعامل مع الطلاب وسلوكياتهم ، فالمعلم اصبح هو ايضا يتعرض لضغوطات كثيرة تدفعه الى ارتكاب سلوك الايذاء بحق الطالب ، فكثرة الحركة للطالب وعدم الاستجابة لاوامر المعلم اصبحت اسبابا تدفع الاخير الى اللجوء لضرب الطالب وتعنيفه ووصفه بانه ( غير طبيعي ) فان كان المعلم بالوقت الحالي غير قادر على تحمل الطلاب والتعامل مع سلوكياتهم وفهم مراحل اعمارهم فمن المسؤول عن ابقاء هؤلاء المعلمين مستمرين بالتعليم وفتح الفرصة امامهم لالحاق الاذى باي طفل جديد .
سهير بشناق / الرأي