معتصم مفلح القضاة
لكل عمل بصمة يتركها الفاعل ويذكرها من وقع عليه الفعل.
ولكل عمل رونق وردة فعل، سواء كان على صاحبه أو على من يشاهده ويتابعه.
عندما زرت ليبيا في نهاية التسعينات كان واضحا على الشعب شدة الخوف و تأثرهم بسطوة القذافي، وإن كان الكثير منهم يخفي غضبه وكراهيته للرجل الذي حرمهم أبسط حقوقهم.
لمست ذلك عندما قال لي صديق: أن القذافي منع الأمازيغ من التحدث بلغتهم وفرض عليهم التحدث باللغة العربية ليس انتصاراً للغة القرآن الكريم، ولا إجلالاً للتراث العربي العريق، وإنما لكي لا يخفى عليه من حديثهم شيء، وربِ إنه من المفسدين استحق الذل والمهانة في الدنيا قبل الآخرة.
في الأردن، كلما سمعت عن أرباب الفساد يحالون ويفضحون شعرت برغبة كبيرة في النظر إلى وجوههم، لأرى تلك البصمة التي تنطبع بين عيني الواحد منهم، ليس تشفياً بما آلت إليه عواقبهم، بل رغبة في نشر ذاك الانطباع لمن تسول له نفسه أن يمشي على طريقهم ويتنهج نهجهم.
كم أتمنى أن أكون متفرجاً صامتاً أكتب بعد حين تلك اللحظات التي يسطر فيها الذل على جباهٍ كان يظن الناس فيها قوة لا تقهر ومهابة لا تلين، فتأتي نتائج أعمالهم وحصائد ألسنتهم تسطر الذل فوق الذل، يغرقون بعدها بمستنقع جشعهم وفسادهم كما لو أنهم سقطوا في مستنقعٍ قذر.
كم أتمنى أن أكتب عن كل واحد منهم قصة خاصة، عنوانها " ليلة القبض على ذليل" تترجم بعد ذلك كمسلسل أو فلم من أفلام الرعب أمام كل من يستمرئ أو تسول له نفسه أن يمس أقوات العباد أو يتلاعب بالمال العام الذي اؤتمن علية
بين القذافي والمفسدين في بلدي شبهٌ كبير، نفس المعطيات وقريباً نفس النتائج.
ainjanna@hotmail.com