أنا على موعد معهم كل يوم ، فلا يمر يوما واحدا دون أن التقي بهم وأصادفهم لأقرأ في وجوههم العابسة معاناة ، لا حجم لها أو وصف ، بينما المس في تقاسيم وجوههم تكدرا وخيبة أمل منقطعة النظير ، ولا يخفى علي بالطبع تلك النظرات المكسورة في أعينهم وآثار الحدبة العالقة في ظهورهم والتي خلفتها لهم ظروف حياتهم المعيشية ، التي قليل عليها أن أصفها بالصعبة والعسرة .
هم في الحقيقة ، طوال الوقت شاردي الذهن ، ومتعمقين في التفكير حتى أنهم أحيانا يهاجسون فيما بينهم فلا ترى إلا شفاه تتحرك بهمس دون أن تستطيع أن تترجمها وتعرف بماذا يفكرون وبما ينطقون ، ينطبق عليهم جملة \" يفكرون بصوت عالي \" ، البعض منهم ينطبق عليه عبارة \" مسهي وملهي \" ، إذ بينما يصارع معاناته لوحده ، تنم عنه حركات لا إرادية من عينيه ويديه ، وربما من شدة التأثير وعيش الحالة ، يصطدم إما بعامود كهرباء أو بأحد المارة ، وربما في بعض الأحيان تزل قدمه من على الرصيف ويقع لانشغاله وعدم انتباهه .
هؤلاء هم الشعب ، أو ما باتوا عليه ، اذ لم يغدو سوى هموما متنقلة ولها أرجل ، بعدما فاض هم القلب وغمه عليهم فغطاهم .
الغشيم قد يصادف احدهم فيسأله : شو مالك مسهي والشقا باين عليك ؟.
الإجابة ستكون : ابتسامة أولا ثم يتبعها سؤال استهلالي على شاكلة : مش عارف ليش ؟؟ ثم تتبعها الاجابة وهي : من زود العز والهنا وأنا أخوك .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com