لم اكن اعلم ان حجم الفساد في وزارة البلديات وصل الى هذا الحد رغم يقيني من وجود فساد في اكثر من وزارة واكثر من دائرة ... اما ان يصل حجم الفساد الى امتلاك الوزير سيارات حكومية مخصصة لمختلف اعماله ونشاطاته بما في ذلك المهام المنزلية فهذا أمر لا يصدق ... ولولا الوثائق الصادرة عن وزارة البلديات والتي بحوزة صحيفة الأنباط لم اصدق على الإطلاق ان الفساد يصل إلى هذا الحد.
إلا ان الوثائق الدامغة والأدلة التي لا يرقى إليها شك حول سيارات الوزير وتخصيص سيارة أخرى لمدير مكتبه الذي انتدبه من بلدية السلط الى الوزارة بعد ان تسلم رئاستها ليدل على ان الفساد في الأردن مؤسسة ناجحة وكبيرة لا يمكن ان تتأثر بإجراءات مكافحة الفساد وإحالة بعض المسؤولين السابقين الى التحقيق في شبه فساد.
كنا في السابق نشكو من الإنفاق الكبير على السيارات الحكومية واصدر رؤساء وزراء سابقون العديد من القرارات لضبط الإنفاق على السيارات الحكومية التي يتجاوز عددها عشرين الف سيارة ومن ابرز هذه الإجراءات منع استخدام السيارات الحكومية خارج اوقات الدوام الرسمي وخاصة ايام العطل والأعياد حيث شوهد سائقوها في نزهات عائلية الى جرش وعجلون والمناطق السياحية الأخرى.
واتضح فشل هذه الإجراءات وعدم التقيد بالقرارات الصادرة على هذا الصعيد لعدم وجود آلية عملية لتطبيقها وما زلنا ندور في حلقة مفرغة على هذا الصعيد.
وأخيرا طالبت جهات رسمية بتخفيض عدد السيارات قدر الإمكان وخاصة أنه يمكن الاستغناء عن نصف هذه السيارات على الأقل الا ان واقع الحال يظهر تعذر تخفيض عدد السيارات الحكومية في ضوء التبذير لدى الوزراء ومسؤولي الدوائر والمؤسسات.
الوثائق التي بحوزة الأنباط حول وزير البلديات تؤكد حقيقتين لا يمكن تجاوزهما، الأولى انه يمكن تخفيض عدد السيارات بشكل كبير فمقابل خمس سيارات للوزير تكفيه واحدة ولا يضع سيارات أخرى لأهل بيته ... أما الحقيقة الثانية فتعكس حجم الفساد الذي وصلت إليه البلاد رغم مطالبة الملك بمكافحة هذا الفساد والشعار الذي ترفعه الحكومات المتعاقبة بمحاربة الفساد واجتثاثه من جذوره.