ثلاثة بنوك محلية اوقفت تمويلها لمشروع سكن كريم لعيش كريم الذي يعتبر احدى مكرمات الملك لابناء شعبه الوفي والذي بدأ العمل فيه منذ عدة سنوات وذلك بسبب شبهات فساد تحوم حول هذا المشروع ويجري التحقيق بشأنها في اطار عدة لجان حكومية وبرلمانية.
فهذا المشروع كان يفترض فيه ان يسد حاجات الفئات متدنية الدخل والفقيرة من سكان المملكة.
بمبادرة ملكية كريمة أظهرت الممارسات الفعلية عدم صلاحيتها ما حدا بالجهات المسؤولة لوقف العمل بالمشروع وإعادة طرح العطاءات فجاءت العطاءات الأخيرة ايضا خارج المواصفات المطلوبة، ورغم عدم انتهاء التحقيقات في هذا المشروع الكبير والهام إلا ان شبهات الفساد التي تكاد ان تتحول إلى تهم ثابتة تظهر في اكثر من مجال، أولها ان مساكن المشروع صغيرة جدا وصغيرة المساحة ولا تلبي السكن الكريم لأي أسرة كريمة علاوة على ارتفاع الكلفة التقديرية للمباني بسبب القروض التي تمولها الجهات الممولة وخاصة البنوك وفوائدها المترتبة على هذه القروض، كما ان مواصفات الأبنية والتشطيبات في المشروع لا تتناسب مع المواصفات العالمية للمباني السكنية، وليس كما اعلم عنها للمواطنين علاوة على ان المشاريع التي تم طرحها لإقامة مثل هذه المساكن تقع خارج المدن وبمناطق نائية عن العمران وبعيدة عن التجمعات السكنية، وبالإضافة الى تعطل العمل في مشاريع سكن كريم واعادة طرح العطاءات لأكثر من مرة إلا ان شبهات الفساد بقيت تلاحق هذا المشروع طوال مراحل تنفيذه رغم الغاية السامية والنبيلة التي انشىء من اجلها وهي توفير السكن الكريم للمواطنين من الفقراء والمحتاجين من ذوي الدخل المتدني بأسعار مقبولة ومقنعة وذلك بمكرمة ملكية سامية ... الا ان النتائج جاءت مخالفة ومع الأسف غير ملائمة ولا تطابق المواصفات وبعيدة عن التجمعات السكنية وتكلفتها المالية العالية التي يعجز المواطنون من ذوي الدخل المحدود عن تسديد قروضها وفوائدها.
إلا انه وقد تكشف الكثير من عيوب المشروع وبدأت شبهات الفساد تتضح من خلال تطبيقاتها العملية وبعد إعادة طرح العطاءات بلا جدوى وبعد توقف عدد من البنوك عن تمويل المشروع .... فإننا نرفع صوتنا عاليا للإسراع بالتحقيقات الجارية بشأنه وتحديد المسؤولين عن فشله والتركيز على جوانب الفساد فيه وإحالة المسؤولين من يثبت تورطه الى القضاء بالإضافة الى استرجاع المبالغ التي أنفقت هدرا بلا وجه حق على المشروع على شكل عمليات سمسرة وعمولات وتنفيعات وتقديم فوائد مزورة وغير دقيقة وهو الأمر الذي أدى الى إنفاق العديد من الأموال.
اذا كانت الحكومة جادة في مكافحة الفساد وفي تطبيق هذا الشعار وإخراجه الى حيز التنفيذ يجب ان تعطي مشروع سكن كريم أولوية في التحقيقات ومحاسبة المسؤولين حتى تثبت مصداقيتها وجديتها في محاربة الفساد وإلا فإن الأمر لا يعدو شعارا ترفعه الحكومة كلما أرادت إرضاء الناس او الهاء الشارع بقضايا فساد او تحقيقات مع مسؤولين كبار لا تلبث ان تطوى قضيتهم وتسجل عدم مسؤولية عن القضايا التي حوسبوا عليها.