الاتحاد الأوروبي تنظيم اقتصادي بالدرجة الأولى، وله أبعاد سياسية محدودة في ظل غياب مركزية القرار والسلطة، وضرورة تحقيق إجماع 26 دولة على أي قرار هام.
العنوان الاقتصادي للاتحاد الأوروبي هو العملة الموحدة (اليورو) الذي حلق في وقت ما ليس ببعيد ليصبح معادلاً 50ر1 دولار، ليهبط الآن إلى 35ر1 دولار أي بنسبة 10% خلال أسابيع، وتهتز الثقة به في أسواق العالم.
المشكلة التي تواجه اليورو، ومن ورائه الاتحاد الأوروبي برمته، هي الأزمة المالية في أحد أعضاء الاتحاد وهو اليونان، حيث بلغ عجز الموازنة 5ر12% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت المديونية إلى 6ر112% من الناتج المحلي الإجمالي، ووجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام خيارين، فإما أن يتخلى عن اليونان، وهذا بداية انهيار الاتحاد، وإما أن يقدم لها دعماً كبيراً لا يريد أحد أن يتحمل تكاليفه، وستكون له شروط تقشفية قاسية لا تختلف كثيراً عن شروط برامج التصحيح الاقتصادي التي يطبقها صندوق النقد الدولي على الدول النامية المأزومة والمتعثرة التي تلجأ إليه.
لو كان الأمر يقف عند اليونان لهان الأمر، فهناك أعضاء آخرون في الاتحاد يعانون من نفس المرض، لأن حكوماتهم الرخوة سمحت لنفسها بالتوسع وتجاوز المعايير الموضوعة: إيطاليا مثلاً يبلغ عجز موازنتها 3ر5% ومديونيتها 6ر114% من الناتج المحلي الإجمالي، البرتغال يصل عجز موازنتها إلى 10% وتشكل مديونيتها 77% من الناتج المحلي الإجمالي. ايرلندا تحقق عجزاً في الموازنة يبلغ 75ر10% وتصل ديونها إلى 8ر65% من الناتج المحلي الإجمالي، وإسبانيا سمحت بعجز في الموازنة يبلغ 25ر11% ومديونية تبلغ 3ر54% من الناتج المحلي الإجمالي. وحتى بريطانيا (العظمى) ليست بعيدة كثيراً عن مستوى الأزمة.
في كل الحالات كانت هناك حكومة اشتراكية تحاول أن تعيش فوق المستوى الذي تسمح به موارد البلاد، وتريد أن تسترضي الناخبين بزيادة الإنفاق والتوسع في الإعفاءات، أي نفس الأمراض التي تعاني منها الدول النامية المثقلة بالديون.
بعد أن وقعت الفاس بالراس، بدأت الحكومة اليونانية بتجميد الرواتب والأجور، فانتشرت الإضرابات والاحتجاجات ظناً من المواطنين المدللين أن الحكومة تستطيع أن تعطيهم أكثر مما تأخذ منهم.
الثقة باليورو وصمود الاتحاد الأوروبي أصبحا على المحك.